وجعلا لأمير المؤمنين على أنفسهما عهدَ الله؛ وأشد ما أخذ على ملائكته وأنبيائه وعباده من عهد وميثاق، وجميع ما أكده أمير المؤمنين عليهما من الأيْمان، بإقامتهما على طاعته ومناصحته وموالاته في السرّ والعلانية، ويسألان أمير المؤمنين أن يُظهر ما فعلاه، وينشره، ويُحْضِر جميع أوليائه؛ ليسمعوا ذلك منهما طالبيْن راغبيْن، طائعيْن غير مكرهيْن ولا مجبريْن، ويُقْرَأ عليهم الرّقعتان اللتان رفعاهما بخطوطهما، بما ذكرا من وقوع الأمر لهما من ولاية العهد، وهما صبيان، وخلعهما أنفسهما بعد بلوغهما، وما سألا مِنْ صرفهما عن الأعمال التي يتوليانها وإخراج مَنْ كان بها ممن ضمّ إليهما في نواحيهما من قُوّاد أمير المؤمنين وجنده وغلمانه وشاكريّتِه وجميع مَنْ مع أولئك القوّاد بالحضرة وخراسان وسائر النواحي عن رسومهما وإزالة ذكر الضمّ إليهما عنهم، وأن يُكتب بالكتاب بذلك إلى جميع عمال النواحي.
وإنّ أمير المؤمنين وقف على صدقهما فيما ذكرا ورفعا، وتقدّم في إحضار جميع إخوته ومَنْ بحضرته من أهل بيتِه وقوّاده ومواليه وشيعته ورؤساء جنده وشاكريّتِه وكتّابه وقضاته والفقهاء وغيرهم؛ وسائر أوليائه الذين كانت وقعت البيعة لهما بذلك عليهم، وحضر أبو عبد الله وإبراهيم ابنا أمير المؤمنين المتوكل على الله رضي الله عنه، وقرِئت رقعتاهما بخطوطهما بحضرتهما، إلى مجلس أمير المؤمنين عليهما وعَلى جميع من حضر، وأعادا من القول بعد قراءة الرُّقعتين مثل الذي كتبا به.
ورأى أمير المؤمنين أن يجمع في إجابتهما إلى نشر ما فعلاه وإظهاره، وإمضائه ذلك قضاءَ حقوق ثلاثة: منها حقّ الله عز وجل، فيما استحفظه من خلافته، وأوجب عليه في النظر لأوليائه فيما يجمع لهم كلمتَهم في يومهم وغدِهم، ويؤلِّف بين قلوبهم، ومنها حقّ الرعيّة الذين هم ودائع الله عنده حتى يكون المتقلّد لأمورهم ممن يراعيهم آناء الليل والنهار بعنايته ونظره وتفقّده وعدله ورأفته، ومن يقوم بأحكام الله في خلقه، ومن يضطلع بثقل السياسة وصواب التدبير، ومنها حقّ أبي عبد الله وإبراهيم فيما يُوجبه أمير المؤمنين لهما بإخوّتهما وماسّ رحمهما؛ لأنهما لو أقاما على ما خرجا منه؛ لم يؤمن أن يؤدّيَ ذلك إلى ما يعظم في الدين ضرره، ويعمّ المسلمين مكروهه؛ ويرجع عليهما