للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٨٠ - عَمْرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف.

روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل. ⦗١٩٠⦘

قال ثعلب: ليس بثقة، وَلا مأمون.

قلت: وكان من أئمة البدع. انتهى.

قال الجاحظ في كتاب البيان: لما قرأ المأمون كتبي في الأمامة فوجدها على ما أخبروا به - وصرت إليه وقد كان أمر اليزيدي بالنظر فيها ليخبره عنها - قال لي: قد كان بعض من يرتضى عقله ويصدق خبره خَبرنا عن هذه الكتب بإحكام الصنعة وكثرة الفائدة فقلنا: قد تربي الصفة على العيان فلما رأيتها رأيت العيان قد أربى على الصفة , فلما فليتها أربى الفلي على العيان.

وهذا كتاب لا يحتاج إلى حضور صاحبه، وَلا يفتقر إلى المحتجين , وقد جمع استقصاء المعاني واستيفاء جميع الحقوق مع اللفظ الجزل والمخرج السهل فهو سوقي ملوكي وعامي خاصي.

قلت: وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها فسبحان من أضله على علم.

قال المسعودي: وفي سنة خمس وخمسين وقيل: سنة ست وخمسين , مات الجاحظ بالبصرة، وَلا يعلم أحد من الرواة وأهل العلم أكثر كتبا منه.

وحكى يموت بن المزرع عن الجاحظ - وكان خاله - أنه دخل إليه ناس وهو عليل فسألوه عن حاله فقال: ⦗١٩١⦘

عليل من مكانين ... من الإفلاس والدَّيْن

ثم قال: أنا في علل متناقصة يتخوف من بعضها التلف وأعظمها علي نيف وتسعون , يعني عمره.

وقال أبو العيناء: قال الجاحظ: كان الأصمعي منانيا فقال له العباس بن رستم: لا والله ما كان منانيا ولكن تذكر حين جلست إليه تسأله فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد ويقول: نعم قناع القدري , نعم قناع القدري , فعلمت أنه يعنيك فقمتَ وتركته.

وروى الجاحظ عن حجاج الأعور، وَأبي يوسف القاضي وخلق كثير وروايته عنهم في أثناء كتابه في "الحيوان".

وحكى ابن خزيمة أنه دخل عليه هو وإبراهيم بن محمود ... وذكر قصة.

وحكى الخطيب بسند له: أنه كان لا يصلي.

وقال الصولي: مات سنة خمسين ومئتين.

وقال إسماعيل بن محمد الصفار: سمعت أبا العيناء يقول: أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه أباه وقال: هذا كذب. سمعها الحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الأعور.

قلت: ما علمت ما أراد بحديث فدك؟.

وقال الخطابي: هو مغموص في دينه.

وذكر أبو الفرج الأصبهاني: أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعارا. ⦗١٩٢⦘

وقد وقفت على رواية ابن أبي داود عنه ذكرتها في غير هذا الموضع وهي في الطيوريات.

قال ابن قتيبة في اختلاف الحديث: ثم نصير إلى الجاحظ وهو أحسنهم للحجة استثارة وأشدهم تلطفا لتعظيم الصغير حتى يعظم وتصغير العظيم حتى يصغر ويكمل الشيء وينقصه فنجده مرة يحتج للعثمانية على الرافضة ومرة للزيدية على أهل السنة ومرة يفضل عَلِيًّا ومرة يؤخره.

ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ويتبعه: قال الجماز: ويذكر من الفواحش ما يجل رسول الله عن أن يذكر في كتاب ذكر أحد منهم فيه فكيف في ورقة، أو بعد سطر، أو سطرين.

ويعمل كتابا يذكر فيه حجج النصارى على المسلمين فإذا صار إلى الرد عليهم تجوز للحجة كأنه إنما أراد تنبيههم على ما لا يعرفون وتشكيك الضعفة ويستهزىء بالحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم.

وذكر الحجر الأسود وأنه كان أبيض فسوده المشركون.

قال: وقد كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا وأشياء من أحاديث أهل الكتاب وهو مع هذا أكذب الأمة , وأوضعهم لحديث , وأنصرهم لباطل.

وقال النديم: قال المبرد: ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة: الجاحظ , وإسماعيل القاضي , والفتح بن خاقان.

وقال النديم لما حكى قول الجاحظ: لما قرأ المأمون كتبي قال: هي كتب لا يحتاج إلى حضور صاحبها عندي , إن الجاحظ حسن هذا اللفظ تعظيما لنفسه وتفخيما لتأليفه وإلا فالمأمون لا يقول ذلك. ⦗١٩٣⦘

وحكى عن ميمون بن هارون أنه قال: قال لي الجاحظ: أهديت كتاب "الحيوان" لابن الزيات فأعطاني خمسة آلاف دينار , وأهديت كتاب "البيان والتبيين" لابن أبي دؤاد فأعطاني خمسة آلاف دينار , وأهديت كتاب "النخل والزرع" لإبراهيم الصولي فأعطاني خمسة آلاف دينار , قال: فلست أحتاج إلى شراء ضيعة، وَلا غيرها.

وسرد النديم كتبه وهي مِئَة ونيف وسبعون كتابا في فنون مختلفة.

وقال ابن حزم في "الملل والنحل": كان أحد المجان الضلال غلب عليه الهزل ومع ذلك فإنا ما رأينا له في كتبه تعمد كذبة يوردها مثبتا لها وإن كان كثير الإيراد لكذب غيره.

وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة "تهذيب اللغة": وممن تكلم في اللغات بما حصره لسانه , وروى عن الثقات ما ليس من كلامهم الجاحظ وكان أوتي بسطة في القول وبيانا عذبا في الخطاب ومجالا في الفنون غير أن أهل العلم ذموه وعن الصدق دفعوه.

وقال ثعلب: كان كذابا على الله وعلى رسوله وعلى الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>