للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم، فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد. أديروا فيه رأيًا غير هذا!

قال: فقال أبو جهل بن هشام: والله إنّ لي فيه لرأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعدُ! قالوا: وما هو يا أبا الحكَم؟ قال: أرى أن تأخذوا من كلّ قبيلة فتىً شابًّا جلْدًا، نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطي كلّ فتىً منهم سيفًا صارمًا ثم يعمدُون إليه، ثم يضربونه بها ضرْبة رجل واحد فيقتلونه فنستريح؛ فإنّهم إذا فعلوا ذلك تفرّق دمه في القبائل كلّها؛ فلم يقدر بنُو عبد مناف على حَرْب قومهم جميعًا، ورضُوا منَّا بالعقل فعقلناه لهم.

قال: فقال الشيخ النجديّ: القول ما قال الرجُل، هذا الرأي لا رأْيَ لكم غيره.

فتفرّق القوم على ذلك وهم مجمعون له، فأتى جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا تبتْ هذه الليلة على فراشك الذي كنتَ تبيت عليه!

قال: فلمّا كان العَتمةُ من اللّيل، اجتمعوا على بابه فترصّدوه متى ينام، فيثبون عليه. فلمّا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكانهم، قال لعلي بن أبي طالب: نمْ على فراشي، واتّشحْ ببرْدي الحضرميّ الأخضر؛ فنمْ فإنه لا يخلُص إليك شيء تكرهه منهم. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام في بُرده ذلك إذا نام (١).


(١) هذا إسناد مركب من طريقين: أحدهما من طريق ابن حميد إلى ابن عباس وهو ضعيف لضعف ابن حميد وإن كان ابن إسحاق قد صرّح بالتحديث هنا.
أما الطريق الثاني فهو من طريق الكلبي وهو ضعيف. والحديث أخرجه ابن هشام في السيرة النبوية (٢/ ١٣٦) ولكنه ضعيف لإبهامه اسم شيخه في هذه الرواية. وأخرجه ابن سعد روايات عدة كلها من طريق الواقدي وهو متروك (الطبقات ١/ ٢٢٧ - ٢٢٨) وقد ذكر ابن كثير هذه القصة بطولها وأشار إلى روايات الواقدي قائلًا:
وهذه القصة التي رواها ابن إسحاق قد رواها الواقدي بأسانيده عن عائشة وابن عباس وعلي وسراقة بن مالك بن جعشم وغيرهم دخل حديث بعضهم في بعض فذكر نحو ما تقدم (البداية والنهاية ٣/ ١٧٤) ولقد أخرجه البيهقي في الدلائل من طرق:
الأول (٢/ ٤٦٦): من طريق موسى بن عقبة عن الزهري مرسلًا مختصرًا دون ذكر اجتماعهم بدار الندوة وتفاصيل ذلك.
الثاني (٢/ ٤٦٧): من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق معلقًا ولكن بشيء من التفصيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>