وكتب المهتدي إلى موسى بن بُغا عند حبسه أبا نصر يأمره بتسليم العسكر إلى بايكباك والإقبال إلى سامرّا في مواليه، وكتب إلى بايكباك في تسلُّم العسكر والقيام بقتال الشاري، فصار بايكباك بالكتاب إلى موسى فقرأه، فاجتمعوا على الانصراف إلى سامرّا، وبلغ المهتدي ذلك، وأنهم على خلافه، فجمع الموالي، فحضّهم على الطاعة، وأمرهم بلزومه في الدّار وترك الإخلال به، وأجرى على كل رجل من الأتراك ومَنْ يجري مجراهم في كلّ يوم درهمين، وعلى كلّ رجل من المغاربة درهمًا، فاجتمع له من الفريقين وأخدانهم زهاء خمسة عشر ألف إنسان، منهم من الأتراك المعروف بالكاملي في الجوْسق وغيره من المقاصير، وكان القيّم بأمر الدار بعد حبس كيغَلغ مسرور البلخيّ والرئيس من القوّاد طبايغو والقيّم بحبس من حُبس من هؤلاء عبد الله بن تكين. وبلغ موسى ومفلحًا وبايكباك حبسُ أبي نصر وحبشون ومَنْ حُبِس، فأخذوا حذرَهم.
وجرت الرسل والكتب بينهم وبين المهتدي يوم الخميس وخرج المهتدي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلتْ من رجب بجمعه متوقّعًا ورود القوم عليه؛ فلم يأت أحد، فلما كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب صحّ الخبر بأنّ موسى قد عَرَج عن طريق سامرّا إلى ناحية الجبل مع مفلح، ودخل يوم السبت بايكباك ويارجوخ وأساتكين وعليّ بن بارس وسيما الطويل وخطارمش إلى الدار، فحبس بايكباك وأحمد بن خاقان خليفته، وصُرف الباقون، فاجتمع أصحاب بايكباك وغيره من الأتراك، وقالوا: لمَ يُحبَس قائدنا؟ ولمَ قتِل أبو نصر؟ فخرج إليهم المهتدي يوم السبت - ولم يكن بينهم حرب - فرجع، وخرج يوم الأحد وقد اجتمعوا له، وجمع هو المغاربة والأتراك البرّانيين والفراغنة فصير على الميمنة مسرورًا البليخيّ، وعلى الميسرة يارجوخ، والمهتدي في القلب مع أساتكين وطبايغوا وغيرهما من القوّاد.
فلما حمِيت الشمس، قرب القوم بعضهم من بعض، وهاجت الحرب، وطلبوا بايكباك، فرمى إليهم المهتدي برأسه - وكان عتّاب بن عتاب أخرجه من بركة قبائه - فلما رأوا شدّ أخوه طغوتيا في جماعة من خاصّته على جمع المهتدي وعطفت الميمنة والميسرة من عسكر المهتدي فصاروا معهم، وانهزم الباقون عن المهتدي، وقُتل جماعة من الفريقين.