ومنه ما روى عن مالك بن نفيع أنه قال: ندّ بعير لى، فركبت نجيبة وطلبته، حتى ظفرت به، فأخذته وانكفأت راجعا إلى أهلى، فأسريت ليلة حتى كدت أصبح، فأنخت النّجيبة والجمل وعقلتهما، واضطجعت فى ذرى كثيب رمل، فلما كحلنى الوسن سمعت هاتفا يقول: يا مالك، يا مالك، لو فحصت عن مبرك العود «١» البارك، لسرّك ما هنالك، قال: فثرت وأثرت البعير عن مبركه، واحتفرت «٢» ، وإذا صنم بصورة امرأة، من صفاة صفراء كالورس، مجلوة كالمرآة، فآستخرجتها ومسحتها بثوبى ونصبتها، فاستوت قائمة، فما تمالكت أن خررت ساجدا لها، ثم قمت فنحرت البعير لها ورششتها بدمه، وسميتها غلاب، ثم حملتها على النّجيبة وأتيت بها أهلى، فحسدنى كثير من قومى عليها، وسألونى نصبها لهم ليعبدوها معى، فأبيت عليهم، فانفردت بعبادتها، وجعلت لها على نفسى كل يوم عتيرة «٣» ، وكانت لى ثلّة من الضأن فأتيت على آخرها، وأصبحت يوما وليس لى ما أعتره، وكرهت الإخلاف بنذرى، فأتيتها فشكوت إليها ذلك، فإذا هاتف من جوفها يقول: يا مال يا مال «٤» ، لا تأس على المال، سر إلى طوىّ «٥» الأرقم، فخذ الكلب الأسحم، الوالغ فى الدّم، ثم صد به نعم «٦» . قال مالك: فخرجت من فورى إلى طوىّ الأرقم، فإذا كلب أسحم هائل المنظر، قد وثب على قرهب- يعنى ثورا وحشيا- فصرعه وأنا أنظر إليه، ثم بقر بطنه، وجعل يلغ فى دمه، قال: فتهيبته، ثم أقدمت عليه وهو مقبل على عقيرته لم يلتفت إلىّ، فشددت فى عنقه حبلا، ثم جذبته فتبعنى، فأتيت راحلتى فأثرتها، وقدتها إلى