للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال راشد بن سعد: لما واعد الله تعالى موسى أربعين يوما قال الله تعالى:

يا موسى، إنّ قومك قد افتتنوا من بعدك. قال: يا ربّ كيف يفتتنون وقد نجّيتهم من فرعون ومن البحر، وأنعمت عليهم؟ قال: إنهم اتخذوا العجل إلها من دونى وهو عجل جسد له خوار. قال: يا ربّ من نفخ فيه الرّوح؟ قال: أنا. قال:

أنت- وعزّتك- فتنتهم، إن هى إلّا فتنتك تضلّ بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت وليّنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

قال: فلمّا رجع موسى من الميقات الى قومه وقرب منهم، سمع اللغط حول العجل وكانوا يرقصون حوله، ولم يخبر موسى أصحابه السبعين بما أخبره به ربّه تعالى من حديث العجل، فقالوا: هذا قتال فى المحلّة. قال موسى لهم: لا ولكنّها أصوات الفتنة، افتتن القوم بعدنا بعبادة غير الله تعالى.

[ذكر خبر رجوع موسى إلى قومه وما كان من أمرهم]

قال الله عزّ وجلّ: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ

وذلك أنّه لما رآهم حول العجل وما يصنعون فيه ألقى الألواح من يده فتكسّرت، فصعد عامّة الكلام الذى فيها، ولم يبق إلّا سدسها، ثم أعيدت له فى لوحين.

روى عن ابن عبّاس- رضى الله عنهما- أنّ رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- قال: ليس المعاين كالمخبر، قال الله تعالى لموسى: إن القوم قد افتتنوا فلم يلق الألواح، فلمّا عاين ألقى الألواح فكسرها.

قالوا: فلما رأى موسى ما صنع قومه بعده من عبادة العجل، أخذ شعر رأس أخيه هارون بيمينه، ولحيته بشماله وقال له: يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا