للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر وفاة قاضى القضاة [١] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة.]

وفى يوم الجمعة حادى عشر صفر توفى شيخنا قاضى القضاة تقى الدين بقية المجتهدين أبو الفتح محمد بن الشيخ الزاهد العالم مجد الدين أبى الحسن على بن وهب بن مطيع ابن أبى الطاعة القشيرى المعروف بابن دقيق العيد، والذى جرى عليه هذا اللقب هو وهب جده، وذلك أنه لبس فى يوم عيد ثيابا بيضا، فرآه جماعة من أهل الريف، فقال قائل منهم: كأن ثيابه دقيق العيد، فلزمه هذا اللقب واشتهر به وكانت وفاته ببستان بظاهر القاهرة بقرب باب اللوق بعد صلاة الجمعة، وحمل يوم السبت وصلى عليه تحت القلعة وكانت جنازته مشهودة، ودفن بتربته بالقرافة، ومولده يوم السبت خامس عشرين شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بساحل ينبع من أرض الحجاز، ونشأ بمدينة قوص، وتفقّه بها على أبيه وبرع، وكان من أجل من [٢] رأينا ديانة وعلما وورعا وتقشّفا، وكان شديد الاحتراس من النجاسة حتى أفرط به ذلك وانتقل من مدينة قوص إلى القاهرة، وله رحلة إلى دمشق بعد سنة ستين وستمائة، وولى مشيخة دار الحديث الكاملية [٣] بالقاهرة، وولى غير ذلك. ثم فوض إليه قضاء القضاة كما تقدم فوليه، ثم عزل نفسه فسئل العود، فامتنع من القبول، وحضر إليه أكابر الأمراء بسبب ذلك وهو يمتنع، فتحيّل بعض أولاده عليه بأن قال له: إنه قد عيّن للقضاء عز الدين بن [٤] مسكين إن أصررت على الامتناع، فقال: الآن


[١] فى (ك) «القاضى» والمثبت من ص، وف. وانظر الوافى بالوفيات ٤: ١٩٣، وفوات الوفيات ٣:
٤٤٢، والدرر الكامنة ٤: ٢١٠، وشذرات الذهب ٦: ٥، والنجوم الزاهرة ٨: ٢٠٦.
[٢] فى ك «ما رأينا» والمثبت من ص، وف.
[٣] دار الحديث الكاملية: أنشأها السلطان الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب سنة ٦٢٢ هـ، وهى ثانى دار أنشئت للحديث، وأول دار للحديث على وجه الأرض بناها الملك العادل نور الدين الشهيد محمود بن زنكى بدمشق. ثم بنى الكامل هذه الدار ووقفها على المشتغلين بالحديث النبوى، وكانت بخط بين القصرين من القاهرة. (خطط المقريزى ٢: ٣٧٥) .
[٤] إضافة من ص، وف.