للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنكر ابن أبى الإصبع أن يكون هذا الشاهد من باب الطاعة والعصيان، لأنه كان يمكنه أن يقول عوض قادر: ساهر، وإنما المتنبىّ قصد أن يكون فى بيته طباق معنوىّ، لأن القادر ساهر وزيادة، إذ ليس كلّ ساهر قادرا، وأن يكون فيه جناس العكس.

وقال: إن شاهد الطاعة والعصيان عنده أن تعصيه إقامة الوزن مع إظهار مراده، فتطيعه لفظة من البديع يتمّم بها المعنى وتزيده حسنا، كقول عوف بن محلّم:

إن الثمانين وبلّغتها ... قد أحوجت سمعى إلى ترحمان

فإنه أراد أن يقول: إن الثمانين قد أحوجت سمعى إلى ترجمان، فعصاه الوزن وأطاعه لفظة من البديع وهى التتميم، فزادته حسنا وكمّلت مراده، وكلّ التتميم من هذا النوع.

[وأما التسميط]

- فهو أن يجعل المتكلّم مقاطيع أجزاء البيت أو القرينة على سجع يخالف قافية البيت أو آخر القرينة، كقول مروان بن أبى حفصة:

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

فإن أجزاء البيت مسجّعة على خلاف قافيته فتكون القافية بمنزلة السمط، والأجزاء المسجّعة بمنزلة حبّ العقد.

[وأما التشطير]

- فهو أن يقسم الشاعر بيته شطرين، ثم يصرّع كلّ شطر من الشطرين، ولكنه يأتى بكلّ شطر من بيته مخالفا لقافية الآخر، كقول مسلم ابن الوليد:

موف على مهج فى يوم ذى رهج ... كأنّه أجل يسعى إلى أمل

وكقول أبى تمّام:

تدبير معتصم بالله منتقم ... لله مرتقب فى الله مرتغب.