للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا هؤلاء، إنّى أذكّركم الله فى دمى، إنّى صاحبكم يوذا الذى دللتكم على عيسى. ثم أخبرهم خبر الظلمة وأنّ الملائكة حالوا بينهم وبين عيسى وجعلوه مكانه، وأخبرهم بعلامات يعرفونها. فلمّا سمعوا ذلك منه زادهم عليه غيظا وحنقا وقالوا: ما أعظم سحره! كيف اطّلع بسحره على سرّنا وما كنّا نطويه دونه! وقتلوه وهو صاحبهم.

ذكر خبر رفع عيسى عليه السلام أوّل مرة وهبوطه إلى الأرض ووصيّته إلى الحواريّين ورفعه ثانيا

قال: رفع الله تعالى عيسى لثلاث ساعات مضت من النهار، فلبث فى السماء أيّاما، قيل سبعة أيام، وقيل أربعين يوما. والله أعلم. ثم قال الله له: إنّ أعداءك اليهود أعجلوك عن الوصيّة والعهد إلى أصحابك، فانزل اليهم واعهد لهم وأوصهم، وانزل على مريم المجدلانيّة «١» فإنها فى غار فى جبل الجليل. وكانت مريم المجدلانيّة من قرية من قرى أنطاكية يقال لها مجدل. وكانت من أوسط نساء بنى اسرائيل حسبا، وكانت أجمل نسائهم وأكثرهم مالا، وكانت تستحاض فلا تطهر أبدا وخطبها أشراف بنى إسرائيل وملوكهم وامتنعت من إجابتهم، فظنّوا أنّ ذلك ترفّعا منها، وإنما كان بسبب ما يعرض لها. فلمّا ظهر عيسى عليه السلام وشاع ذكره أتته فى جملة المرضى ليشفيها، فخجلت أن تسأله لكثرة الناس حوله، فجاءت من ورائه فمسّته بيدها فزال عنها ما كانت تشكوه وطهرت وآمنت بعيسى، وأنفقت مالها فيما أمرها به من وجوه البرّ، وصارت فقيرة وتبتّلت وتخلّت للعبادة، وكانت تعدّ من أصحاب عيسى.

قال: وأمر الله تعالى عيسى أن يأمرها أن تجمع له الحواريّين، وأن يستخلف عليهم شمعون، وأن يفرّقهم دعاة إلى الله عز وجل فى البلاد، وأن يخبرهم بالعلامة التى تأتيهم من الله. ثم أهبطه الله تعالى على مريم فاشتعل الجبل نورا، وأتته بالحواريّين، فبلّغهم