قال: وكان مقام الجيش بإفريقية خمسة عشر شهرا «١» ، ولم يفقد من المسلمين إلا ناس قلائل «٢» . ثم كان بعد ذلك من مقتل عثمان وخلاف علىّ ومعاوية ما قدمنا ذكره «٣» ، إلى أن استقر أمر معاوية فاستعمل معاوية بن حديج.
ذكر ولاية معاوية بن حديج الكندى وفتح افريقية ثانيا «٤»
كانت ولايته فى سنة خمس وأربعين من الهجرة. وسبب ذلك أن هرقل صاحب القسطنطينية كان يؤدّى إليه من كل ملك من ملوك البر والبحر إتاوة معلومة فى كل سنة. فلما بلغه ما صالح عليه أهل إفريقية عبد الله «٥» بن سعد بن أبى سرح، بعث بطريقا إلى إفريقية يقال له «أوليمة» وأمره أن يأخذ من أهلها ثلاثمائة قنطار ذهبا كما أخذ منهم ابن أبى سرح. فنزل البطريق قرطاجنّة وأخبرهم بأمر الملك. فأبوا عليه ونابذوه وقالوا: «الذى كان بأيدينا من الأموال فدينا به أنفسنا، والملك فهو سيدنا يأخذ منا كما كنا نعطيه فى