للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صلى الله عليه وسلم: «من اشتاق إلى الجنّة سارع إلى الخيرات ومن خاف من النار لها عن الشهوات ومن ترقّب الموت ترك اللذّات ومن زهد فى الدنيا هانت عليه المصائب»

. والأحاديث فى ذلك كثيرة وفيما ذكرناه منها كفاية. فلنذكر ما جاء من ذلك فى الأثر.

قيل: جاء فى الأثر: لا تزال لا إله إلّا الله تدفع عن العباد سخط الله ما لم يسألوا ما نقص من دنياهم. وفى لفظ آخر: ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا فعلوا ذلك وقالوا: لا إله إلا الله قال الله تعالى: كذبتم لستم بها صادقين. وعن بعض الصحابة رضى الله عنهم أنه قال: تابعنا الأعمال كلّها فلم نرفى أمر الآخرة أبلغ من زهد الدنيا. وقال بعض الصحابة لصدر التابعين: أنتم أكثر أعمالا واجتهادا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا خيرا منكم. قيل: ولم ذاك؟ قال:

كانوا أزهد فى الدنيا منكم. وقال عمر رضى الله عنه: الزهادة فى الدنيا راحة القلب والجسد. والآثار أيضا فى ذلك كثيرة فلا نطوّل بسردها.

ذكر بيان ذمّ الدنيا وشىء من المواعظ والرقائق الداخلة فى هذا الباب

وقد ورد فى كتاب الله عز وجلّ كثير فى ذمّ الدنيا وصرف الخلق عنها ودعوتهم إلى الآخرة؛ وهو أيضا مقصود الأنبياء ولذلك بعثوا، فلا حاجة إلى الاستشهاد بالايات لظهورها. فلنذكر نبذة من الأخبار والآثار الواردة فى ذلك، وذلك من جملة ما اختاره الغزالىّ رحمه الله فى كتابه المترجم بإحياء علوم الدين. فمن ذلك ما

روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه مرّ على شاة ميّتة فقال: «أترون أن الشاة هينّة على أهلها» ؟ قالوا: من هوانها عليهم ألقوها. قال: «والذى نفسى بيده للدنيا أهون على