للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذا الباب قولهم: فلان مرخى العنان، وملقى الزمام.

قال: ويسمّى هذا النوع استعارة تخييليّة، وهو كإثبات الجناح للذلّ فى قوله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ.

قال: اذا عرف هذا فالنوع الأوّل على أربعة أقسام:

الأوّل- أن يستعار المحسوس للمحسوس،

وذلك إما بأن يشتركا فى الذات ويختلفا فى الصفات، كاستعارة الطيران لغير ذى جناح فى السرعة، فإن الطيران والعدو يشتركان فى [الحقيقة «١» وهى] الحركة الكائنة»

إلّا أن الطيران أسرع. أو بأن يختلفا فى الذات ويشتركا فى صفة إما محسوسة كقولهم: رأيت شمسا ويريدون إنسانا يتهلّل وجهه، وكقوله تعالى: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً

فالمستعار منه النار، والمستعار له الشيب، والجامع الانبساط، ولكنّه فى النار أقوى؛ وإمّا غير محسوسة كقوله تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ

المستعار له الريح، والمستعار منه المرء والجامع المنع من ظهور النتيجة.

الثانى- أن يستعار شىء معقول لشىء معقول

لاشتراكهما فى وصف عدمىّ أو ثبوتىّ وأحدهما أكمل فى ذلك الوصف، فيتنزّل الناقص منزلة الكامل كاستعارة اسم العدم للوجود إذا اشتركا فى عدم الفائدة، أو استعارة اسم الوجود للعدم اذا بقيت آثاره المطلوبة منه، كتشبيه الجهل بالموت لاشتراك الموصوف «٣» بهما فى عدم الإدراك والعقل، وكقولهم: فلان لقى الموت اذا لقى الشدائد، لاشتراكهما فى المكروهيّة، وقوله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ

والسكوت والزوال أمران معقولان.