للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع آخر رجلا يقرأ: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا)

فقال: أشهد أنّ مخلوقا لا يقدر على مثل هذا الكلام.

وقال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: البيان اسم جامع لكل ما كشف لك من قناع المعنى، وهتك الحجاب عن الضمير، حتى يفضى السامع إلى حقيقة اللفظ ويهجم على محصوله كائنا ما كان.

وقيل لجعفر بن يحيى: ما البيان؟ فقال: أن يكون اللّفظ محيطا بمعناك كاشفا عن مغزاك، وتخرجه من الشركة، ولا تستعين عليه بطول الفكرة، ويكون سليما من التّكلّف، بعيدا من سوء الصنعة، بريئا من التعقيد، غنيّا عن التأمّل.

وقال آخر: خير البيان ما كان مصرّحا عن المعنى ليسرع إلى الفهم تلقّيه، وموجزا ليخفّ على اللسان تعاهده.

وقال أعرابىّ: البلاغة التقرّب من معنى البغية، والتّبعّد من وحشىّ الكلام وقرب المأخذ، وإيجاز فى صواب، وقصد إلى الحجة، وحسن الاستعارة. قال على رضى الله عنه: البلاغة الإفصاح عن حكمة مستغلقة «١» ، وإبانة علم مشكل.

وقال الحسن بن على رضى الله عنهما: البلاغة إيضاح الملتبسات، وكشف عورات الجهالات، بأحسن ما يمكن من العبارات.

[وأما الفصاحة]

- فهى مأخوذة من قولهم: أفصح اللبن إذا أخذت عنه الرّغوة. وقالوا: لا يسمّى الفصيح فصيحا حتى تخلص لغته عن اللّكنة الأعجميّة ولا توجد الفصاحة إلا فى العرب. وعلماء العرب يزعمون أن الفصاحة فى الألفاظ، والبلاغة فى المعانى، ويستدلّون بقولهم: لفظ فصيح، ومعنى بليغ.