للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وكتب أيضا فى مثل ذلك:]

ضاعف الله نعمة المجلس العالى، وبشّره بما أجرى الأمّة عليه من عوائد كرمه، وسره بما يسره من خصوص برّه وعموم نعمه، وهنّاه بما سنّاه [١] من هرب جيش المحل بعد قدم وثباته وثبات قدمه، وأورد على سمعه من أنباء نصرة الخصب ما يتحقّق به أن لم يبق فى الأرض علم إلا تحت علمه، وأنه ذبح الجدب بسيف مدده الذى أنبأ بحمرة عندمه عن دمه، وبثّ سراياه فى الأقطار، على متون القطار، مرهفا على بقايا المحل سيوف بروقه ونبال ديمه؛ وضرب قباب موجه على المسالك، فلو هبّت بينها عاصفة جدب تعثّرت بأطناب خيمه، ولعب على ما شمخ من الرّبا، فعجب له من كامل يلعب وقد بلغ إلى هرمه! صدرت هذه المكاتبة تقصّ عليه من نعم الله أحسن القصص، وتهدى إليه من موادّ فضله ما يخصّ الشأم وأهله منه بأوفى الأقسام وأوفر الحصص، وتحثّه على شكر الله تعالى الذى به ينتهز من مزيد برّه أعظم الحظوظ وأفضل الفرص، وتعلم أنّ الله نصر جيش الرخاء بمدد لطفه على اليأس الذى تولّى الشيطان أمره فلمّا تراءت الفئتان نكص، وأنعم على خلقه بما أرخصته عزائم كرمه بهم، فوجب أن تقابل نعمه بعزائم الشكر دون الرّخص؛ وذلك أن الله تعالى أجاب دعوة المضطرّ، وأفاض برّه العميم على الغنىّ والفقير والقانع والمعترّ؛ وأحيا الأرض بعد موتها، وتدارك برحمته دنيا الدّهماء بعد أن أشرفت على فوتها؛ وأجرى الخلق على عوائد كرمه، وأجرى لهم بقدرته من حجب الغيب موادّ نعمه، وأعلى لديهم موارد نيلهم حتى كاد ما يشرب بفروق ساقه يتناول الماء بفمه؛ وأمر البحر فأقبل بالفرج القريب من الأمد البعيد، وأذن له فى الترفّع من محلّه فسجد على التّرب شكرا وتيمّم الصعيد وإن لم يبق به الآن على وجه


[١] سناه: سنه وسهله.