البيسرى [١] أحد الأمراء الأعيان بها، فى ليلة يسفر صباحها عن يوم الاثنين ثانى جمادى الأولى، ودفن فى يوم الإثنين بقاسيون، وكان رحمه الله تعالى من أحسن الناس عشرة، وأكملهم مروءة وأوفاهم بحقوق أصحابه كان لا يدّخر عن صاحبه أو قاصده مالا ولا جاها، صحبته مدّة فلم أر أحسن من صحبته ولا مودته، وكان لنا بهذا البيت البيسرى خدمة قديمة، ثم صحبة أكيدة، وتجددت بعد ذلك بينى وبينه بدمشق عند مقدمى إليها فى جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعمائة إلى أن عدت إلى الديار المصرية فى رمضان سنة ثلاث وسبعمائة، وكان- رحمه الله تعالى- من أشجع الأمراء، وهو ذو فهم بالحروب والوقائع وترتيب الجيوش، وممن يرجع إليه فى ترتيب المحافل والمهمات، وعرض التقادم وغير ذلك من أحوال الملوك، وكان أيضا قد انفرد فى معرفة طير الجارح وتدريبه والاصطياد به وجيّده ورديئه، ومداواة سقيمه وغير ذلك من أحواله، وكان أصله من مماليك زين الدين الحافظى وزير الملك الناصر صاحب الشام اشتراه الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى بعد هروب الزين الحافظى بما ينيف عن أربعين ألف درهم ويقارب الخمسين ألفا وحرص الملك الظاهر ركن الدين على تملّكه فما قدر على ذلك، واجتهد بكل طريق فلم يتهيّا له حتى عزم فى أواخر أمره على القبض على الأمير بدر الدين بيبرس أستاذه ليتمكن من أخذه فمات الملك الظاهر قبل ذلك، ولما اعتقل مخدومه الأمير بدر الدين بيسرى فى أوائل الدولة المنصورية ضبط موجوده وخدم أولاده وربّاهم وحفظهم وكانوا ستة، وانفق عليهم أمواله، ولازم باب أستاذه فى مدة اعتقاله، ورغب السلطان الملك المنصور فى استخدامه ورتبه فى جمداريته، ووعده بالإمرة، وأسكنه بالقلعة فاستعفى من ذلك وكره مفارقة باب أستاذه والاشتغال عن حفظ أولاده، ولم يزل يتنصل من الخدمة حتى أعفى منها، وكان إقطاعه فى جنديته أمير من خاص جماعة من الأمراء، قال لى يوما بدمشق وهو أمير تسعة وستين فارسا: وددت أن إقطاعى الآن وإقطاع أصحابى نظير إقطاعى فى الجندية فسألته عن متحصل إقطاع جنديته، فأخبرنى أنه كان يحصل له منه لخاصة