وفى سنة تسع وستّين وخمسمائة جهّز الملك النّاصر أخاه الملك المعظّم شمس الدّولة تورانشاه «١» إلى اليمن، فسار فى مستهلّ شهر رجب.
وكان عمارة اليمنى الشّاعر يذكر له البلاد ويحسّنها له ويحثّه على قصدها، ويعظّم مملكتها. فسار ووصل إلى مكة شرّفها الله تعالى، ومنها إلى زبيد «٢» وبها صاحبها عبد النبىّ المتغلب عليها «٣» . فلمّا قرب منها ورأى أهلها انهزموا، فوصل المصريون إلى سور زبيد فلم يجدوا عليه من يمانع عنه، فنصبوا السّلاليم وصعدوا عليها إلى السّور فملكوا البلد عنوة ونهبوه، وأسر المتغلب عليها عبد النّبىّ وزوجته المدعوة بالخيرة، وكانت امرأة صالحة كثيرة الصدقة. وسلّم شمس الدّولة عبد النّبى إلى سيف الدّولة مبارك بن كامل بن منقذ، وهو من أمرائه، وأمره أن يستخرج منه الأموال، فاستخرج منه شيئا كثيرا وأظهر دفائن كانت له. ودلّتهم الخيّرة على ودائع لها كثيرة. ثم أصلح أمر زبيد وخطب بها للنّاصر لدين الله «٤» .
ثم سار إلى ثغر عدن، وهى فرضة «٥» الهند والزّنج والحبشة وعمان وكرمان وكشّ وفارس وغير ذلك؛ وهى من جهة البرّ من أمنع البلاد