للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر فتح الجزيرة وأرمينية]

قد اختلف أصحاب التّواريخ فى فتح الجزيرة وإرمينية، فمنهم من يقول: إن ذلك من فتوح أهل العراق، ومنهم من يقول: إنّها من فتوح أهل الشام. والأكثر على أنّها من فتوح أهل الشّام، ونحن نذكر القولين إن شاء الله تعالى:

فأمّا من قال: إنّها من فتوح العراق فإنّه يقول [١] : إنّ سعد بن أبى وقّاص لمّا أمره عمر رضى الله عنه أن يبعث الجنود التى ذكرناها آنفا إلى نصيبن وحرّان والرّها والجزيرة مع من ذكرنا، وإن كان قتال فأمرهم إلى عياض بن غنم. فخرج عياض ومن معه؛ فأرسل سهيل بن عدىّ إلى الرّقّة، فصالحوه على الذّمّة، وخرج عبد الله بن عتبان على الموصل إلى نصيبين، فلقوه وفعلوا كفعل أهل الرّقّة، وخرج الوليد بن عقبة، فقدم على عرب الجزيرة من ربيعة وتنوخ، فنهض معهم مسلمهم وكافرهم إلّا إياد بن نزار، فإنّهم دخلوا إلى أرض الرّوم، ولما أخذوا الرّقّة ونصيبين ضمّ عياض إليه سهيلا وعبد الله، وسار بالنّاس إلى حرّان، فأجابه أهلها إلى الجزية، فقبل منهم. ثمّ إنّ عياضا سرّح سهيلا وعبد الله إلى الرّها، فأجابوهما إلى الجزية، وأجروا كلّ ما أخذوا من الجزيرة عنوة مجرى الذّمّة، فكانت الجزيرة أسهل البلدان فتحا، ورجع سهيل وعبد الله إلى الكوفة.


[١] ابن الأثير ٢: ٣٧٢، تاريخ الطبرى ٤: ٥٣.