فسارا على ذلك فحصل لطغرل حمى شديدة منعته من ذلك، وبلغ الخليفة الخبر، فعاد إلى بغداد. وانتقض على طغرل ودبيس مادبراه، فقصدا السلطان سنجر واجتازا فى طريقهما بهمذان. فبسط على أهلها ما لا كثيرا وأخذاه، فبلغ خبرهما السلطان محمود فجد السير فى إثرهما، فانهزما منه إلى خراسان، واجتمعا بالسلطان سنجر، وشكيا من الخليفة، وبرنقش، وأقاما عند السلطان سنجر؛ ثم كان من أمرهما ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[ذكر مقتل البرسقى وملك ابنه عز الدين مسعود]
وفى سنة عشرين وخمسماية قتل اقسنقر البرسقى صاحب الموصل بمدينة الموصل، قتله الباطنية فى يوم الجمعة بالجامع. وكان من عادته أنه يصلى الجمعة فى الجامع مع العوام. وكان قد رأى فى منامه فى تلك الليلة أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضهم ونال منه الباقى ما أذاه، فقص ذلك على أصحابه فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام. فقال:«لا أترك الجمعة لشئ أبدا» فغلبوه على رأيه ومنعوه من قصد الجمعة، فعزم على ذلك، وأخذ المصحف ليقرأ فيه، فأول ما خرج له وله تعالى:«وكان أمر الله قدرا مقدورا» فركب إلى الجامع على عادته. وكان يصلى فى الصف الأول، فوثب عليه بضعة عشر نفسا، عدة الكلاب التى رآها، فجرحوه بالسكاكين، فجرح (هو)«١» ، بيده ثلاثة منهم، وقتل رحمه الله تعالى.