قال: وفى يوم السبت سادس عشر المحرم منها، ركب المعز فى القيروان والناس يسلمون عليه ويدعون له فمر بجماعة فسأل عنهم فقيل:«هؤلاء رفضة والذين قبلهم سنة «١» » . فقال:«وأى شىء الرّفضة والسنة؟» قالوا: «السنة يترضّون عن أبى بكر وعمر والرفضة يسبونهما» . فقال:«رضى الله عن أبى بكر وعمر»«٢» .
فانصرفت العامة من فورها إلى الناحية المعروفة بدرب المقلى «٣» من مدينة القيروان- وهو موضع يشتمل على جماعة منهم- فقتلوا منهم جماعة، ووقع القتل فيهم. وصادفت شهوة من العسكريين وأتباعهم طمعا فى النهب. وانبسطت أيدى العامة فيهم. فأقبل عامل القيروان يظهر أنه يسكّن الناس، وهو يحرضهم ويشير إليهم بزيادة الفتنة، لأنه كان قد أصلح البلد فبلغه أنه معزول، فأراد إفساده. فقتل من الرافضة خلق كثير فى ديارهم وحوانيتهم، وأحرقوهم بالنار. وانتهبت ديارهم وأموالهم. وزاد الأمر واتصل القتل فيهم فى جميع بلاد إفريقية. وقيل: إن القتل وقع فيهم فى جميع المغرب فى يوم واحد فى المدائن «٤» والقرى، فلم يترك رجل ولا امرأة ولا طفل إلا قتل وأحرق بالنار. ونجا من بقى منهم بالمهدية إلى الجامع الذى بالحصن، فقتلوا فيه عن آخرهم.