فى بعض البسط دائرة كبيرة، فيها مثال فرس وعليه راكب وعلى رأسه تاج، وحوالى الدائرة كتابة بالفارسية، فلما جلس المنتصر وجلس الندماء ووقف على رأسه وجوه الموالى والقواد نظر إلى تلك الدائرة وإلى الكتابة التى حولها، فقال لبغا: إيش هذا الكتاب «١» ؟ فقال: لا أعلم يا سيدى، فسأل من حضر من الندماء، فلم يحسن أحد أن يقرأه، فالتفت إلى وصيف وقال: احضر لى من يقرأه، فأحضر رجلا فقرأ الكتابة وقطب، فقال له المنتصر: ما هو؟ فقال له «٢» : يا أمير المؤمنين ليس له معنى، فألحّ عليه وغضب، فقال: يقول- أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز قتلت أبى فلم أمتّع بالملك إلا ستة أشهر، فتغيّر وجه المنتصر وقام عن مجلسه إلى النساء، فلم يمكث «٣» إلا ستة أشهر ومات. وكانت خلافته ستة أشهر ويومين، وقيل ستة أشهر سواء، وعمره خمس وعشرون سنة وستة أشهر، وقيل أربع وعشرون سنة، ووفاته بسامرا. ولما حضرته الوفاة أنشد:
فما فرحت نفسى بدنيا أخذتها ... ولكن إلى الرب الكريم أصير
وصلّى عليه أحمد بن المعتصم. وكان مربوعا أسمر أعين حسن الوجه ذا شهامة وشدّة. وكان له أربعة أولاد ذكور. وزيره: أحمد بن الخصيب.
حجابه: وصيف ثم بغا ثم ابن المرزبان ثم أوتامش. قاضيه: جعفر العباسى. أمير مصر: يزيد بن عبد الله. قاضيها: بكّار.
[ذكر خلافة المستعين بالله]
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم بن الرشيد، وأمه أم ولد اسمها مخارق، وهو الثانى عشر من الخلفاء العباسيين، بويع له يوم الإثنين