للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رماه به رومى كان مع صاحب الزنج اسمه قرطاس وذلك لخمس بقين من جمادى الأولى، فستر الموفّق ذلك وعاد إلى مدينته فبات، ثم عاود الحرب على ما به من ألم الجراح، ليشدّ بذلك قلوب أصحابه فزاد في علّته، وعظم أمرها حتى خيف عليه، واضطرب العسكر والرعيّة وخافوا وأشار عليه بعض أصحابه وثقاته بالعود إلى بغداد، ويخلف من يقوم مقامه فأبى ذلك، وخاف أن يستقيم من حال صاحب الزنج ما فسد، واحتجب عن الناس مدّة ثم برىء من علّته، وظهر لهم ونهض لحرب صاحب الزنج وكان ظهوره في شعبان من هذه السنة.

[ذكر احراق قصر صاحب الزنج وما يتصل بذلك من الحروب والوقائع]

قال «١» : ولما صحّ الموفّق من جراحه عاد إلى ما كان عليه من حرب صاحب الزنج، وكان قد أعاد بعض الثلم في السور، فأمر الموفّق بهدم ذلك وهدم ما يتصل به وركب في بعض العشايا، وكان القتال متصلا ذلك اليوم مما يلى نهر منكى، والزنج مجتمعون فيه قد شغلوا أنفسهم بتلك الجهة، وظنّوا أنّهم لا يؤتون إلا منها، فأتى الموفّق ومعه الفعلة وقرب من نهر منكى وقاتلهم، فلما اشتدت الحرب أمر الذين في الشذاوات بالمصير إلى أسفل نهر أبى الخصيب، وهو خال من المقاتلة والرجال، فتقدّم أصحاب الموفّق وأخرجوا الفعلة فهدموا السور من تلك الناحية، وصعد المقاتلة فقتلوا في النهر مقتلة عظيمة،