سير به للمجاهدين ولوجوه البر، فأودع ثمنه بالخزانة. ولما توجه السلطان إلى الغزاة أنفق منه جملة فى إقامة مجانيق أفردها لها، وأفتك ببقيته جماعة من أسارى المسلمين.
[ذكر خبر الحبيس النصرانى ومقتله]
هذا الحبيس من نصارى مصر، وكان فى ابتداء أمره من كتاب صناعة الإنشاء، ثم ترهب وانقطع فى جبل حلوان. فيقال إنه وجد فى مغارة منه مالا للحاكم العبيدى كان قد وضعه هناك، فتصدق هذا الحبيس على الفقراء من سائر الملل. واتصل بالسلطان خبزه فطلبه، وطلب منه المال، فقال:«أما أنى أعطيك من يدى إلى يدك فلا يتصور، ولكنه يصل إليك من جهة من تصادره ولا يقدر على ما تطلبه منه، فأساعده بمال يحمله إليك» وشفع فيه، فأطلقه السلطان.
ولما كانت واقعة النصارى المتقدمة، كان يحضر عند مشد المستخرج، ومن عجز عن أداء ما قرر عليه ساعده به وأداه عنه، نصرانيا كان أو يهوديا.
وكان يدخل إلى الحبوس ويطلق منها من عليه دين ويقوم بما عليه. وكان يعطى ما ينافر العقول. وتوجه إلى الصعيد، ودفع عن أهل الذمة أكثر ما قرر عليهم، وتوجه إلى الإسكندرية، وعامل أهلها بما هالهم من بذل الأموال.
فوصلت فتاوى الفقهاء إلى السلطان بقتله، وعللوا ذلك:«خوف الفتنة» .
فوافق ذلك رأى السلطان فأحضره فى سنة ست وستين وستمائة، وطلب منه المال وأن يعرفه من أبن أصله، وكيف حصل له، فلم يعرفه وجعل يغالطه ويدافعه، إلى أن أيس السلطان منه فعذبه حتى مات. وأخرج من القلعة ورمى