وقدم المدينة فى شهر رمضان من السنة، وجاءه من كان قد تخلّف عنه، فحلفوا له، فعذرهم، واستغفر لهم، وأرجأ أمر كعب بن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم، على ما نذكر ذلك إن شاء الله فى آخر هذه الغزوة.
قال: وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم ويقولون: قد انقطع الجهاد، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنهاهم، وقال:«لا تزال عصابة من أمّتى يجاهدون على الحقّ حتّى يخرج الدجّال» .
وكان فى غزوة تبوك وقائع غير ما قدّمناه، قد رأينا إيرادها فى هذا الموضع.
منها خبر مرور رسول الله بالحجر.
ومنها ما أنزل فى أمر المنافقين.
ومنها خبر الثلاثة الّذين خلّفوا، وما أنزل من توبتهم.
ذكر خبر مرور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجر وما قاله لأصحابه
قال محمد بن إسحاق: لمّا مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى سفره إلى تبوك بالحجر من مدين، نزلها، واستقى الناس من بئرها، فلمّا راحوا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. «لا تشربوا من مائها شيئا، ولا يتوضّأ منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه للإبل ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلّا ومعه صاحب له» ، ففعل الناس ما أمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إلّا أنّ رجلين من بنى ساعدة خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر فى طلب بعير له، فأما الّذى ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه «١» ؛ وأما الذى ذهب فى طلب بعيره