للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ملائكة السموات، كلّهم يقولون بشدّة أصواتهم: سبّوح قدّوس ربّ العزّة أبدا لا يموت. وفى رأس كل ملك منهم أربعة أوجه؛ فلمّا رآهم رفع صوته يسبّح معهم ويبكى ويقول: ربّ اذكرنى ولا تنس عبدك، لا أدرى هل أتخلّص مما أنا فيه أم لا، إن خرجت احترقت وإن مكثت مت. فقال له كبير الملائكة ورئيسهم: قد أوشكت يا بن عمران أن يشتدّ خوفك وينخلع قلبك، فاصبر للذى سألت.

ثم أمر الله تعالى أن يحمل عرشه فى ملائكة السماء السابعة، فقال: أروه إيّاه.

فلما بدا نور العرش انفرج الجبل من عظمة ربّ العزّة، وردّدت ملائكة السموات أصواتهم جميعا؛ فارتج الجبل، واندكت كلّ شجرة كانت فيه، وخرّ موسى صعقا ليس معه روحه؛ فقلب الله تعالى الحجر الذى كان موسى عليه وجعله كهيئة القبّة لئلّا يحترق موسى؛ وأرسل الله عليه روح الحياة برحمته؛ فقام موسى يسبّح الله تعالى ويقول: آمنت أنّك ربّى وصدّقت أنه لا يراك أحد، فنجّنى، ومن نظر إلى ملائكتك انحلع قلبه، فما أعظمك وأعظم ملائكتك! أنت ربّ الأرباب وإله الآلهة وملك الملوك، لا يعدلك شىء، ولا يقوم لك شىء، تبت إليك، الحمد لك لا شريك لك ربّ العالمين.

[ذكر خبر الألواح ونزول التوراة والعشر كلمات]

قال الله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ* قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ* وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ.