هو أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور، وأمه أم ولد اسمها قبيحة، وهو الثالث عشر من الخلفاء العباسيين، بويع له البيعة الأولى فى هذه السنة ثم بويع له البيعة العامة ببغداد لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، بعد خلع المستعين على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: وكان سبب البيعة له أن المستعين لما استقر ببغداد أتاه جماعة من قواد الأتراك، ودخلوا عليه وألقوا نفوسهم بين يديه، وجعلوا مناطقهم فى أعناقهم وسألوه الصفح عنهم، فوبخهم وسبّهم ثم عادوا سألوه وتضرّعوا له، فقال: قد رضيت عنكم وعفوت، فقال له أحدهم- واسمه بايكباك «١» -: إن كنت قد رضيت فقم فاركب معنا إلى سامرا، فإن الأتراك ينتظرونك، فأمر محمد بن عبد الله بعض أصحابه فضربه، وقال له محمد: هكذا يقال لأمير المؤمنين- قم فاركب معنا!! فضحك المستعين وقال: هؤلاء قوم عجم لا يعرفون حدود الكلام، ثم قال لهم المستعين:
ارجعوا إلى سامرا فإنّ أرزاقكم دارّة عليكم، وأنظر أنا فى أمرى فرجعوا آيسين منه، وأغضبهم ما كان من محمد بن عبد الله، وأخبروا من وراءهم خبرهم وزادوا وحرّفوا فأجمعوا على إخراج المعتز وكان هو والمؤيد فى حبس «٢» الجوسق، وعليهم من يحفظهم، فأخرجوا المعتز من الحبس وأخذوا من شعره- وكان قد كثر، وبايعوا له بالخلافة، فأمر للناس برزق عشرة أشهر للبيعة، فلم يوف المال فأعطوا شهرين لقلة المال عندهم، وكان المستعين خلّف بسامرا فى بيت المال خمسمائة ألف دينار، وفى بيت مال أم