قال: وجمع سليمان- عليه السلام- عفاريت الجنّ والشياطين وأمرهم بإحضار صخر الجنىّ، فقالوا: يا نبىّ الله، إنّ الله قد أعطاه قوّة جماعة منّا؛ ويصعب علينا حمله إليك، وما لنا إلا أمر واحد وهو أنه يأتى فى كل شهر الى عين فى جزيرة فيشرب ماءها. والرأى أن ننزفه منها ونملأها خمرا، فإذا جاء وشربه وسكر ذهبت قوّته فنحمله ونأتيك به. ثم خرجوا ففعلوا ذلك، واختفوا فى تلك الجزيرة. فجاء صخر ليشرب فاشتمّ رائحة الخمر وقال: أيتها الخمرة إنك لطيّبة غير أنك تسلبين العقل وتجعلين الحليم جاهلا، وأمرك كلّه ندامة، وانصرف ولم يشرب. ثم عاد فى اليوم الثانى وقد أجهده العطش فقال: ما من قضاء يأتى من الله إلا كان مبرما، ثم نزل على العين فشرب حتى امتلأ، ثم قام ليخرج فسقط، فتبادرت العفاريت إليه ومعهم طابع خاتم سليمان، فلما رآه ذلّ وخضع، فحملوه حتى وقفوه بين يدى سليمان وهو يخرج من فيه لهب النيران، ومن منخريه الدّخان. فلما عاين الخاتم ضعفت قوّته وخرّ ساجدا على وجهه، ثم رفع رأسه وقال: يا نبىّ الله، سيزول هذا الملك عنك ولا يبقى إلا ذكره. قال: صدقت. ثم قال له: يا نبىّ الله، ما الذى أحوجك إلىّ وأنا بالعبد منك لا أختلط بالآدميين؟ فقال له سليمان: إنّ الناس قد اشتكوا من وقع الحديد وصوته على الحجر. فقال: عليك بوكر العقاب وعشّه وبيضه، فليس شىء من الطيور أبصر منه، فأتى به. فوضعه فى البرّيّة وغطّاه بجام من القوارير شديد الصفاء فوضعه على عشّ العقاب. فجاء العقاب فلم يرعشّه، فطار فى الهواء حتى نظر إلى عشّه فى تلك البرّيّة، فانقضّ عليه وضرب الجام برجله ليكسره فلم يقدر على ذلك، فطار وتعلّق فى الهواء وغاب يومه وليلته، ثم أقبل صبيحة اليوم الثانى وفى منقاره قطعة من حجر السامور، فانقضّ على الجام بذلك الحجر