قال: وجمع إبراهيم أصحابه الّذين آمنوا به، وسار يريد الشأم، فجاء إلى (حرّان) فأقام بها مدّة من عمره، وترك بها طائفة من المؤمنين، وسار حتى أتى الأردنّ وكان اسم ملكها صادوق، فمرّ به وهو فى منظرة له، فنظر إلى سارّة مع إبراهيم فأحضرهما، وقال لإبراهيم: من أنت؟ قال: أنا خليل الله إبراهيم. وذكر له ما كان من أمر نمروذ. فقال له: من هذه؟ قال: هى أختى. فقال: زوّجنيها.
قال: هى أعلم بنفسها منّى، وإنّها لا تحلّ لك. فاغتصبها منه، وقام إلى مجلس آخر وأمر بحملها إليه. فدعا إبراهيم الله تعالى، فارتجّ المجلس بالملك، ويبست يده فقال لسارّة: ألا ترين ما أنا فيه؟ قالت: لأنّك أغضبت خليل الله.
قال: فتضرّع إلى إبراهيم؛ فسأل الله فى ردّ يده عليه؛ فأوحى الله إليه:
لا أطلقه دون أن أخرجه من ملكه ويسلم؛ فأسلم وخرج عن الملك، ووهب سارّة هاجر، وهى أمّ إسماعيل.
قال وارتحل إبراهيم حتى أتى الأرض المقدّسة فنزلها.
وقد روينا هذه القصة بسندنا إلى البخارىّ- رحمه الله- وسنذكر الحديث- إن شاء الله تعالى- فى أخبار طرطيس أحد الملوك بمصر، فقد ورد أنه صاحب القصة؛ والله أعلم.
ذكر خبر ميلاد إسماعيل- عليه السلام- ومقامه وأمّه فى البيت المحرّم
قال: وأقام إبراهيم بالأرض المقدّسة ما شاء الله أن يقيم حتى كبرت سارّة وأيست من الولد، فخافت من انقطاع نسل إبراهيم- عليه السلام- فوهبته هاجر فقبلها، وواقعها، فحملت بإسماعيل، ووضعته كالقمر وفى وجهه نور نبيّنا محمد