للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر وصول الفرنج إلى القاهرة وحصارها وحريق مصر]

قال المؤرخ: وفى سنة أربع وستّين وخمسمائة عاد الفرنج إلى القاهرة. وذلك أنهم لمّا توجّهوا فى سنة اثنتين وستّين رتّبوا فى القاهرة جماعة من أبطالهم وشجعانهم وفرسانهم ليحموها من عسكر يأتى إليها من الشّام؛ فلمّا رأوا خلوّ مصر من الأجناد راسلوا ملكهم مرّى واستدعوه، وكان من الشّجاعة والمكر على أمر عظيم. فامتنع وقال: الرّأى ألا نقصدها فإنّها طعمة لنا، وأموالها تحمل إلينا نتقوّى بها على قتال نور الدّين؛ وإن قصدناها حمل أصحابها الخوف على تسليمها لنور الدّين، وإن أخذها وجعل فيها مثل أسد الدّين شيركوه فهو هلاك الفرنج وخروجهم من الشام. فلم يقبلوا رأيه، وقالوا: ما يصل عسكر نور الدّين إلينا إلا وقد ملكناها. وغلبوا على رأيه.

فتجهّز الفرنج وساروا حتّى وصلوا إلى مدينة بلبيس ونازلوها؛ فوقع الإرجاف بمصر؛ وشرع شاور فى إنشاء حصن على مصر واستعمل فيه النّاس، فلم يبق أحد إلا وعمل فيه؛ وحفر خندقا. وملك الفرنج بلبيس عنوة وسبوا وقتلوا خلقا كثيرا «١» . وكان معهم بعض الأمراء المصريّين ممّن هرب من شاور، منهم يحيى بن الخياط.

ثمّ ساروا [١٠٢] إلى القاهرة وأحاطوا بها، وذلك فى العاشر من صفر، فخاف أهلها إن أهملوا القتال أن يحلّ بهم ما حلّ بأهل بلبيس، فجدّوا فى القتال والاحتراز.