للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر العوارض التى يحرم معها السماع]

قال أبو حامد رحمه الله تعالى: والسماع يحرم بخمسة عوارض: عارض في المسمع وعارض في آلة السماع، وعارض في نظم الصوت، وعارض في نفس المستمع أو في مواطنه، لأن أركان السماع هى المسمع والمستمع وآلة السماع.

العارض الأوّل: أن يكون المسمع امرأة لا يحلّ النظر إليها وتخشى الفتنة من سماعها،

وفي معناها الصبىّ الذى تخشى فتنته، وهذا حرام لما فيه من خوف الفتنة، وليس ذلك لأجل الغناء بل لو كانت المرأة بحيث تفتن بصوتها في المحاورة فى غير ألحان فلا يجوز محاورتها ومحادثتها ولا سماع صوتها في القرآن أيضا، وكذلك الصبى الذى تخاف فتنته. فإن قلت: فهل تقول: إن ذلك حرام بكل حال حسما للباب، أو لا يحرم إلا حيث تخاف الفتنة. فأقول: هذه مسئلة محتملة من حيث الفقه يتجاذبها أصلان:

أحدهما: أن الخلوة بالأجنبيّة والنظر إلى وجهها حرام سواء خيفت منها الفتنة أو لم تخف لأنها مظنّة الفتنة على الجملة. فقضى الشرع بحسم الباب من غير التفات إلى الصورة.

والثانى: أن النظر إلى الصبيان مباح إلا عند خوف الفتنة فلا يلحق الصبيان بالنساء في عموم الحسم بل ينبغى أن يفصّل فيه الحال. وصوت المرأة دائر بين هذين الأصلين، فإن قسناه على النظر إليها وجب حسم الباب وهو قياس قريب، ولكن بينهما فرق إذ الشهوة تدعو إلى النظر في أوّل هيجانها ولا تدعو إلى سماع الصوت. وليس تحريك النظر لشهوة المماسّة كتحريك السماع بل هو أشدّ.

وصوت المرأة في غير الغناء ليس بعورة ولكن للغناء مزيد أثر في تحريك الشهوة،