قال محمد بن سعد: قالت عائشة رضى الله عنها: وجهزناهما أحبّ الجهاز، وصنعنا لهما سفرة فى جراب، فقطعت أسماء قطعة من نطاقها فأوكأت به الجراب، وقطعة أخرى صيرتها عصاما لفم القربة؛ فلذلك سميت أسماء ذات النّطاقين.
قال محمد بن سعد بسند يرفعه إلى أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما أنها قالت:
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل ماله كلّه معه،- خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف- فانطلق بها معه، فدخل علينا جدّى أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إنى لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قال فقلت:
كلّا يا أبت، إنه ترك لنا خيرا كثيرا. قالت أسماء: فأخذت أحجارا فوضعتها فى كوّة البيت حيث كان أبى يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقلت: ضع يا أبت يدك على هذا المال، فوضع يده عليه وقال: لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفى هذا بلاغ لكم؛ فلا والله ما ترك لنا شيئا، ولكنى أردت أن أسكّن الشيخ بذلك. والله أعلم.
[ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر رضى الله عنه من الغار، وتوجههما إلى المدينة، وما كان من أمر سراقة بن مالك، وأم معبد وغير ذلك إلى أن انتهيا إلى المدينة]
كان خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر الصدّيق رضى الله عنه من الغار ليلة الاثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأوّل، وذلك أنه لما مضت الأيام الثلاثة، وسكن عنهما الناس أتاهما عبد الله بن الأريقط براحلتيهما وبعير له، فقرّب أبو بكر رضى الله عنه الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدّم له أفضلهما «١»