للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أخبار إبراهيم الموصلىّ عفا الله عنه

هو إبراهيم بن ماهان بن ميمون، وأصله من فارس، ومولده في سنة خمس وعشرين ومائة بالكوفة، ووفاته ببغداد في سنة ثمان وثمانين ومائة. قالوا: ومات ماهان وترك إبراهيم صغيرا، فكفله آل خزيمة بن خازم، فكان ولاؤه لبنى تميم. وكان السبب فى نسبه إلى الموصل أنه لما كبر واشتدّ وأدرك صحب الفتيان واشتهى الغناء وطلبه؛ فاشتدّ أخواله بنو عبد الله بن دارم عليه في ذلك وبلغوا منه، فهرب منهم إلى الموصل فأقام بها سنة؛ فلما رجع إلى الكوفة قال له إخوانه من الفتيان: مرحبا بالفتى الموصلىّ، فغلب عليه «١» ثم ارتحل إلى الرّىّ في طلب الغناء، فطال مقامه هناك، وأخذ الغناء الفارسى والعربى.

قال إسحاق: حدّثنى أبى قال:

أوّل شىء أعطيته بالغناء أنى كنت بالرىّ أنادم أهلها بالسويّة لا أرزؤهم شيئا ولا أنفق إلا من بقية مال كان معى. فمرّ بنا خادم أبو جعفر المنصور إلى بعض عمّاله برسالة، فسمعنى عند رجل من أهل الرّىّ فشغف بى وخلع علىّ دوّاج «٢» سمّور له قيمة، ومضى بالرّسالة فرجع وقد وصله العامل بسبعة آلاف درهم وكسوة كثيرة، فجاءنى إلى منزلى الذى كنت أسكنه، فأقام عندى ثلاثة أيام ووهب لى نصف الكسوة [التى معه «٣» ] وألفى درهم. وكان ذلك أوّل مال كسبته من الغناء. فقلت:

والله لا أنفق هذه الدراهم إلّا على الصناعة التى أفادتنيها. ووصف لى رجل بالأبلّة «٤»