كان تركيا من أصحاب السلطان ركن الدولة ملكشاه السلجقى، وتربى معه من صغره وهو من أترابه، واستمر فى صحبته حتى أفضت إليه السلطنة، فكان من أعيان أمرائه، واعتمد عليه فى مهماته وزاد فى علو مرتبته، فصار الوزير نظام الملك مع عظم شأنه وجلالة قدره، يتقيه ويداريه. ومما يدل على مكانته وعلو شأنه كونه لقب قسيم الدولة مع صون الألقاب والمشاححة فيها فى ذلك الوقت.
ولما ملك السلطان ملكشاه مدينة حلب كما ذكرناه فى أخباره سلمها لقسيم الدولة فى سنة تسع وسبعين وأربعماية، وقيل فى سنة ثمانين، فعمرها وأحسن السيرة فيها فمال الناس إليه وأحبوه، ثم تسلم من الأمير نصر بن على بن منقذ الكنانى صاحب شيزر، اللاذقية وأفامية وكفر طاب، فأشار الوزير نظام الملك على السلطان ملكشاه أن يسلم ذلك إلى قسيم الدولة مع حماه ومنبج، فأقطعه السلطان جميع ذلك، فعظمت هيبته، وظهرت كفايته، وقمع أهل الفساد والبغى. ثم استدعاه السلطان إلى العراق فقدم متجملا بعسكر عظيم، فاستحسن ذلك منه وعظمه وأعاده إلى أعماله.
وفى سنة إحدى وثمانين وأربعماية قصد اقسنقر شيزر ونهبها وعاد إلى حلب. وفى سنة ثلاث وثمانين حاصر مدينة حمص وملكها، فسار صاحبها ملاعب إلى الديار المصرية.
وفى سنة أربع وثمانين ملك حصن أفامية والرحبة. واستمر قسيم الدولة كذلك إلى أن مات السلطان ملكشاه فى سنه خمس