قال: فلما كان يوم الجمعة عند زوال الشمس، هبط عليه جبريل فسلّم عليه فردّ عليه وقال: من أنت؟ قال: أنا جبريل؛ وبشّره بالشفاء، وأن الله قد وهب له أهله وماله وولده ومثلهم معهم لتكون آية، فبكى أيّوب من شدّة الفرح وقال:
الحمد لله الذى لم يشمت بى عدوّى إبليس. فقال له جبريل: قم يا أيّوب. فلم يستطع؛ فأخذ بيده وقال: قم بإذن الله. فقام على قدميه، فقال له جبريل:
اركض برجلك هذه الأرض. فركضها، فنبعت عين من الماء تحت قدميه أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسل وأذكى من المسك؛ فشرب منه شربة فسقط ما فى بدنه من الدود، ثم أمره جبريل فاغتسل من تلك العين، فخرج ووجهه كالقمر وعاد إليه حسنه وجماله؛ ثم ناوله جبريل خلعتين، فأتزر بواحدة وارتدى بالأخرى؛ وناوله نعلين من الذهب شراكهما من الياقوت؛ وناوله سفرجلة من الجنّة؛ ثم قام إلى الصلاة، فأقبلت رحمة وقد طردها الناس من كلّ الأبواب؛ فلما صارت إلى ذلك المكان رأته وقد تغيّر، فظنت أنها قد أخطأت الطريق؛ فقالت: أيها المصلّى كلّمنى. فلم يكلّمها، وثبت فى صلاته؛ فقال له جبريل: كلمها. فقال:
ما حاجتك؟ قالت: هل عندك علم بأيوب المبتلى فإنّى خلّفته هاهنا ولست أراه.
فتبسّم أيوب وقال: إن رأيته عرفته؟ فقالت: والله إنّك لأشبه الناس به قبل بلائه. فضحك وقال: أنا أيوب. فبادرت إليه واعتنقته، وبشرهما جبريل بأولادهما وما فقداه من الأموال وغيرها ومثلهم معهم، وأمطر الله عليهم جرادا من ذهب؛ وكان له بيدران، فأرسل الله سحابتين فأفرغتا فى أحدهما ذهبا وفى الآخر فضة حتى فاض أحدهما على الآخر.