للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول لزوجته أسماء: هى والله كافلة ذرارينا، القائمة بهذا الأمر لمن بقى منا، فلما ماتت أسماء فوض المكرم الملك والأمر لزوجته الحرّة، وخلا للشراب واللذات، فارتحلت من صنعاء حتى بنت دارها بذى [١] جبلة، وتعرف بدار العز، ونقلته إليها، فاستخلف على صنعاء عمران بن الفضل اليامى، حتى مات فى سنة/ (١٠٩) أربع وثمانين وأربعمائة، فأسند الأمر إلى ابن عمه.

السلطان سبأ بن أحمد بن المظفّر الصّليحى

وكان دميم الخلق لا يكاد يظهر من السرج بطائل، وكان جوادا شاعرا قائما بأحوال الملك، وأياه عنى ابن [٢] القم بقوله:

ولما مدحت الهبرزىّ [٣] ابن أحمد ... أجاز وكافانى على المدح بالمدح

وعوّضنى شعرا بشعرى وزادنى ... عطاء فهذا رأس مالى وذا ربحى

شققت إليه الناس حتى رأيته ... فكنت كمن شقّ الظلام إلى الصّبح

وكان مستقر ملكه حصن أشيح وما إليه من الجبال المطلّة على زبيد، وكانت الحرب بينه وبين أهل نجاح سجالا، فبيّتوه فى بعض الليالى، وكبسوا عسكره، فقتلوا أكثرهم، ونجا سبأ على قدميه عامة ليلته حتى وجد من حمله على فرس فى آخر الليل، فلم تعد العرب بعد ذلك إلى تهامة.

وخطب سبأ الحرّة السيدة، فلم تجبه، وأنكرت ذلك غاية الإنكار، فتحاربا مدة، فقيل له: ما تجيب إلا بأمر المستنصر خليفة مصر، فأرسل فى ذلك إلى المستنصر رسولين، فعادا ومعهما خادم من أكابر خدّام المستنصر بألفاظ حسنة، فردت بأحسن منها، وقال لها: أمير المؤمنين يقول لك:


[١] ذى جبلة من مخلاف جعفر (وانظر صفة البلاد اليمن ص ١٦٨) .
[٢] فى المقتطف ٦٨ الحسين بن القم، وضبطه بكسر القاف، وفى ابن المجاور ص ١٧٣ عبد الله بن الحسن ابن على بن القم، بضم القاف.
[٣] كذا فى «الأصل» ، وفى اللسان أنها يمانية، ومن معانيها: الجيد الرمى بالسهام والحسن الثبات على ظهر الفرس، وفى «أ» ١٠٩ الهبزرى (بتقديم الزاى على الراء) وفى هامشه الهبزرى: الجواد.