للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكرت مظلّته عليه فلم ترح ... إلا على الملك الأجلّ سعيدها

ما كان أقبح وجهه فى ظلها ... ما كان أحسن رأسه فى عودها

سود الأراقم قابلت أسد الشّرى ... يا رحمتا لأسودها من سودها

فأقامت تحت الأسر سنة، ثم تلطفت فى الكتابة إلى ابنها المكرّم تقول:

إنها قد حملت من الأحول، ولم يكن رآها قطّ وإنما أرادت أن تستنفر حفايظ العرب، فلما وصل الكتاب الى ابنها جمع رؤوس القبائل، وقرأه عليهم، فثارت حفائظهم، وخرج من صنعاء فى ثلاثة [١] آلاف فارس غير الراجل، فخطبهم فى الطريق، وقال: «إنما تقدمون على الموت، فمن أراد أن يرجع فمن مكانه» فيقال: إنه رجع بعضهم وسار فى الباقين، وبلغ الأحول،/ (١٠٨) فجمع جموعه فى عشرين ألف حربة، فطحنتهم خيل العرب، وقتل أكثرهم، فركب الأحول فى خواصّه وأهل بيته خيولا مضمّرة كان أعدها للهرب، وهرب إلى الساحل، وقد أعدت له هناك سفن فركبها، وتوجه نحو دهلك [٢] ، ودخلت العرب زبيد، فكان أول فارس وقف تحت طاق أسماء ولدها المكرم، فسلم عليها، فلم تعرفه، وقالت: من أنت؟ فقال: أحمد بن على، فقالت أحمد بن على فى العرب كثير، وأمرته أن يرفع المغفر، فرفعه، فقالت: مرحبا بمولانا المكرم، فأصابته ريح ارتعش لها، واختلج وجهه، فكان كذلك سنين كثيرة حتى مات، وأعاد المكرّم خاله أسعد بن شهاب إلى ولاية زبيد والأعمال التهامية، ورجع بأمه إلى صنعاء فأقامت مدة وماتت.

ثم جمعت الحبشة لأسعد بن شهاب، فأخرجوه من زبيد، وعادت إلى ملكهم على ما نذكره إن شاء الله تعالى فى أخبارهم.

قال: ثم إن المكرم بن الصليحى فوّض الأمور إلى زوجته الحرة، واسمها سيّدة [٣] ابنة أحمد بن جعفر الصليحى، وكان الصليحى يكرمها/ قبل مقتله،


[١] فى الأصل، ومثله فى «أ» ص ١٠٧ «ألف» والصواب ما أثبتناه.
[٢] دهلك- ويقال دهنك أيضا-: جزيرة فى بحر اليمن، وهى مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيقة حرجة حارة، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها (مراصد الاطلاع ٢/٥٤٦) .
[٣] فى المقتطف ص ٦٨ أن «اسمها أروى بنت أحمد بن جعفر بن موسى بن محمد الصليحى» وموسى هو أخو على بن محمد الصليحى.