كان دخوله إلى بغداد في ذى الحجه سنة سبع «١» وسبعين وأربعمائة بعد رجوعه من حلب، وهو أوّل دخوله إليها، ونزل بدار المملكة، وركب من الغد إلى الخليفة، ولعب بالأكرة، ومضى إلى الصيد هو ونظام الملك في البّرية، فاصطاد شيئا كثيرا من الوحوش والغزلان، وغير ذلك، وأمر ببناء منارة بقرون الغزلان، وحوافر الحمر الوحشية التى صادها. قال ابن خلكان في وفيات الأعيان «٢» : «والمنارة باقية إلى الآن، وتعرف بمنارة القرون» ، وعاد إلى بغداد، ودخل الخليفة المقتدى، فخلع عليه الخلع السلطانية، وفوض إليه أمر «٣» البلاد، والعباد، وأمره بالعدل، وطلب السلطان بأن يقبّل يد الخليفة، فلم يجبه، فسأل أن يقبل خاتمه، فأعطاه، فقبله، ووضعه على عينيه، وأمره الخليفة بالعود، فعاد، ولما خرج من عنده لم يزل الوزير نظام الملك قائما يقدم أميرا أميرا إلى الخليفة. وكلما قدم أمير يقول: هذا العبد فلان، وإقطاعه كذا وكذا، وعدة عسكره كذا، إلى أن أتى على آخر الأمراء، فخلع الخليفة على نظام الملك، ودخل نظام الملك إلى المدرسة النظامية، وسمع الناس عليه الحديث بالمدرسة، وأقام ببغداد إلى صفر سنة ثمانين وسار إلى أصفهان.