وأروه قبره، فلمّا رأى القبر جزع عنده ثم قال: كأنكم أنكرتم ما رأيتم من جزعى، فو الله ما بتّ منذ عقلت إلّا واترا أو موتورا، وطالبا أو مطلوبا حتى قتل معاوية، فما ذقت طعم نوم بعده.
[يوم حوزة الثانى]
قال: ثم غزاهم [صخر] فلما دنا منهم مضى على الشمّاء، وكانت غرّاء محجّلة، فسوّد غرّتها وتحجيلها، فلما رأته بنت لهاشم قالت لعمّها دريد: أين الشمّاء؟ قال: هى فى بنى سليم. قالت: ما أشبهها بهذه الفرس! فقال: هذه بهيم «١» والشمّاء غرّاء محجّلة، ثم اضّطجع فلم يشعر حتى طعنه صخر، قال: فثاروا وتناذروا، وولّى صخر وطلبته غطفان عامّة يومها، وعارض دونه أبو شجرة بن عبد العزّى، وكانت أمّه خنساء أخت صخر، وصخر خاله، فردّ الخيل عنه حتى أراح فرسه ونجا إلى قومه، فقال خفاف بن ندبة لمّا قتل معاوية: قتلنى الله إن برحت من مكانى حتى أثأر به! فشدّ على مالك سيّد بنى شمخ فقتله، وقال صخر فى قتله دريدا:
ولقد دفعت إلى دريد طعنة ... نجلاء تزغل «٢» مثل غطّ المنخر
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا ... وتركت مرّة مثل أمس الدّابر
قال أبو عبيدة: وأما هاشم بن حرملة فإنه خرج منتجعا فلقيه عمرو بن قيس الجشمىّ، فتبعه وقال: هذا قاتل معاوية، لا وألت نفس إن وأل «٣» ، فلما دنا منه أرسل عليه معبلة ففلق قحفه فقتله.