معاوية، وكانت الدهر تنطف ماء ودهنا وإن لم تدهن- فلمّا كان بعد [حين «١» ] تهيّأ معاوية ليغزو هاشما، فنهاه أخوه صخر، فأبى وغزاهم يوم حوزة، فرآه هاشم ابن حرملة قبل أن يراه معاوية، وكان هاشم ناقها من مرض أصابه، فقال لأخيه دريد بن حرملة: إنّ هذا إن رآنى لم آمن أن يشدّ علىّ، وأنا حديث عهد بشكيّة، فاستطرد له [دونى «٢» ] حتى تجعله بينى وبينك، ففعل، فحمل عليه معاوية وأردفه «٣» هاشم، فاختلفا طعنتين فأردى «٤» معاوية هاشما عن فرسه الشماّء، وأنفذها هاشم سنانه عن عانة معاوية، وكرّ عليه دريد وظنّه قد أردى هاشما، فضرب معاوية بالسيف فقتله، وشدّ خفاف بن عمرو على مالك بن حمار الفزارىّ [فقتله «٥» ] .
قال: وغارت الشمّاء فرس هاشم حتى دخلت فى جيش بنى سليم فأخذوها وظنوا أنها فرس الفزارىّ الذى قتله خفاف، ورجع الجيش، فلما دنوا من صخر أخى معاوية قال لهم: ما صنع معاوية؟ قالوا قتل! قال: فما هذه الفرس؟ قالوا: قتلنا صاحبها! قال: إذا قد أدركتم ثأركم، هذه فرس هاشم بن حرملة.
قال: فلما دخل رجب ركب صخر بن عمرو الشمّاء صبيحة يوم حرام، فأتى بنى مرّة، فلمّا رأوه قال لهم هاشم: هذا صخر فحيّوه وقولوا له خيرا، وهاشم مريض من الطعنة التى طعنه معاوية، فقال: من قتل أخى؟ فسكتوا، فقال: لمن هذه الفرس التى تحتى؟ فسكتوا، فقال هاشم: هلّم أبا حسّان إلى من يخبرك! قال: من قتل أخى؟ فقال [هاشم «٦» ] : إذا أصبتنى أو دريدا فقد أصبت ثأرك! فقال: هل كفّنتموه؟ قال: نعم، فى بردين: أحدهما بخمس وعشرين بكرة