للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانطلقت شرقا وغربا وعادت مسرعة، فقالت: يا نبىّ الله، هلكت الأرض ومن عليها، وأما الماء فإنى لا أراه إلّا ببلاد الهند، ولم تبق على وجه الأرض شجرة إلّا الزيتون، فإنّها على حالها. فأوحى الله تعالى الى نوح: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ

فخرج من السفينة وأخرج من فيها، وأعاد الله الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والأشجار والنبات كما كانت، وتفرّق الوحش والسباع والطيور وغيرها فى الأرض؛ وأمر نوح فبنيت قرية فى أسفل جبل الجودىّ وسمّيت (قرية ثمانين) على عددهم.

قيل: هى الجزيرة؛ وهى أوّل قرية بنيت على وجه الأرض بعد الطّوفان ثم قسم نوح الأرض بين أولاده الثلاثة: سام وحام ويافث، فأعطى سام الحجاز واليمن والشأم، فهو أبو العرب، وأعطى حام بلاد المغرب فهو أبو السّودان وأعطى يافث بلاد المشرق، فهو أبو الترك.

ثم أوحى الله- عزّ وجلّ- الى نوح أن يردّ التابوت الى المكان الذى أخذ منه، فردّه.

[ذكر خبر دعوة نوح على ابنه حام ودعوته لابنه سام]

قال: ولما استقرّ الأمر قال نوح لبنيه: إنى أحب أن أنام، فإننى لم أتهنّأ بالنوم منذ ركبت الفلك. فوضع رأسه فى حجر ابنه حام، فهبّت الريح فكشفت عن سوءته، فضحك حام، وغطّاه سام؛ فانتبه فقال: ما هذا الضحك؟ فأخبره سام، فغضب وقال لحام: أتضحك من سوءة أبيك؟ غيّر الله خلقتك، وسوّد وجهك. فاسودّ وجهه لوقته. وقال لسام: سترت عورة أبيك، ستر الله عليك فى هذه الدنيا، وغفر لك فى الآخرة، وجعل من نسلك الأنبياء والأشراف، وجعل من نسل حام الإماء والعبيد، وجعل من نسل يافث الجبابرة والأكاسرة والملوك العاتية.