[الملك الناصر]«١» من الدّيار المصريّة إلى الشام فى شهر ربيع الأول سنة سبعين وخمسمائة، ووصل إلى دمشق فى يوم الاثنين سلخ الشهر- وقال ابن شدّاد فى سلخ شهر ربيع الآخر «٢» - وتسلّم دمشق من الأمير شمس الدّين بن المقدّم ونزل بدار العقيقى، وكانت سكن أبيه، وأحسن إلى الأمراء وأكرمهم، وأظهر أنّه إنّما حضر إلى الشّام نصرة للملك الصّالح، وليعيد عليه ما أخذه ابن عمه سيف الدّين غازى «٣» من بلاده. وأقرّ خطبته ولم يقطعها ولا خطب لنفسه.
[ذكر ملكه مدينة حمص وحماه]
قال المؤرخ: ولمّا ملك دمشق استخلف بها أخاه سيف الإسلام «٤» طغزتكين بن أيوب، وتوجّه إلى مدينة حمص فى مستهلّ جمادى الأولى، فنازلها، فملك المدينة ولم يشتغل بالقلعة؛ وترك بالمدينة من يحفظها ويمنع من [فى، «٥» القلعة من التصرّف.
وسار منها فوصل إلى مدينة حماة فى مستهلّ جمادى الآخرة؛ وكان بقلعتها الأمير عزّ الدّين جرديك، وهو من المماليك النوريّة، فامتنع من تسليمها. فأرسل إليه يعرّفه ما هو عليه من الطّاعة للملك الصّالح، فاستحلفه جرديك على ذلك، وخرج إليه، وترك أخاه بالقلعة ليحفظها.
وتوجّه عزّ الدّين جرديك إلى حلب ليكون سفيرا [١١٤] بين الملك الناصر وبين كمشتكين فاعتقل بحلب فلما بلغ أخاه ذلك سلم القلعة إلى الملك الناصر فملكها.