فقياس هذا على النظر إلى الصبيان أولى لأنّهم لم يؤمروا بالاحتجاب كما لم تؤمر النساء بستر الأصوات، فينبغى أن يتّبع مثار الفتن ويقصر التحريم عليه، هذا هو الأقيس عندى. قال: ويتأيّد بحديث الجاريتين المغنّيتين في بيت عائشة رضى الله عنها إذ يعلم أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يسمع صوتهما ولم يحترز عنه ولكن لم تكن الفتنة مخوفة عليه فلذلك لم يحترز. فإذا يختلف هذا بأحوال المرأة وأحوال الرجل في كونه شابا وشيخا ولا يبعد أن يختلف الأمر في مثل هذا بالأحوال.
فإنا نقول: للشيخ أن يقبّل زوجته وهو صائم وليس للشاب ذلك. والقبلة تدعو إلى الوقاع في الصوم وهو محظور. والسماع يدعو إلى النظر والمقاربة وهو حرام، فيختلف ذلك أيضا بالأشخاص.
[العارض الثانى في الآلة]
بأن تكون من شعائر أهل الشرب أو المخنّثين وهى المزامير والأوتار وطبل الكوبة، فهذه ثلاثة أنواع وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدّفّ وإن كان فيه الجلاجل وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائر الآلات.
[العارض الثالث في نظم الصوت]
وهو الشعر فإن كان فيه شىء من الخنا والفحش والهجاء أو هو كذب على الله عز وجلّ أو على رسوله أو على الصحابة كما رتبه الروافض في هجاء الصحابة وغيرهم، فسماع ذلك حرام بألحان وغير ألحان، والمستمع شريك القائل وكذلك ما فيه وصف امرأة بعينها فإنه لا يجوز وصف المرأة بين يدى الرجال. وأمّا هجاء الكفّار وأهل البدع فذلك جائز.
فقد كان حسان بن ثابت ينافح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويهاجى الكفار، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك.