قال: كان سبب ذلك أن تميم بن المعز لما رضى عن ابنه يحيى وأعاده إلى ولاية عهده، عظم ذلك على المثنى وداخله الحسد فلم يملك نفسه. فنقل إلى أبيه «١» عنه ما غير قلبه عليه. فأمر بإخراجه من المهدية بأهله وولده وعبيده. فركب فى البحر إلى سفاقس «٢» ، فلم يمكنه عاملها من الدخول إليها.
فقصد مدينة قابس، فلقيه الثائر بها مكن «٣» بن كامل الدهمانى فأنزله وأكرمه. فحسن له مثنى الخروج معه إلى سفاقس والمهدية وأطمعه فيها، وضمن له الإنفاق على الجند من ماله. فجمع ما أمكنه جمعه. وسارا إلى سفاقس ومعهما شاه ملك التركى وأصحابه فنزلو «٤» على سفاقس وقاتلوا من بها فبلغ تميما الخبر فجرد إليها جندا من الرماة.
فلما علم المثنى ومن معه أنهم لا طمع لهم فيها تركوها. وقصدوا المهدية فنزلوا عليها وقاتلوا. فتولى قتالهم بها يحيى بن تميم وظهر من شدته وصبره وحزمه وحسن تدبيره ما استدل به على نجاح أمره وحسن عاقبته.
ولم يبلغ أولئك منها غرضا فعادوا وقد تلف ما كان مع المثنى من مال وغيره.