للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر ما كان من عناد قريش بعد ذلك وعقودهم «١»

قال: فلمّا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرفوا من الحقّ، وعرفوا صدقه فيما حدّث، وموقع نبوّته فيما جاءهم به من علم الغيوب حين سألوه عمّا سألوه عتوا على الله واستمرّوا فى طغيانهم وعلى كفرهم، فقال قائلهم:

(لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)

«٢» فإنكم إن ناظرتموه وخاصمتموه غلبكم. فقال أبو جهل يوما- وهو يهزأ برسول الله وما جاء به من الحقّ-: يا معشر قريش، يزعم محمد أنّما جنود الله الذين يعذبونكم فى النار ويحبسونكم فيها تسعة عشر، وأنتم أكثر الناس عددا [وكثرة «٣» ] ، أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم. فأنزل الله تعالى فى ذلك: (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا)

«٤» إلى آخر القصّة.

قال: ولمّا قال بعضهم لبعض: (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)

جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وهو فى صلاته يتفرّقون عنه، ويأبون أن يسمعوا له، فكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلّى استرق السمع دونهم فرقا منهم، فإن رأى أنّهم قد عرفوا به أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم أن يستمع؛ وإن خفض صلى الله عليه وسلم صوته ظنّ الّذى يستمع أنهم لا يستمعون شيئا من قراءته؛ وسمع هو شيئا دونهم أصاخ له يستمع منه، فأنزل الله تعالى قوله: