ومن كلام أبى عبد الله محمد بن أبى الخصال من جواب لابن بسّام
- وكان قد كتب إليه يسأله إنفاذ بعض رسائله ليضمّنها كتابه الذى ترجمه بالذخيرة، فكتب:
وصل من السيّد المسترقّ، والمالك المستحقّ- وصل الله أنعمه لديه، كما قصر الفضل عليه- كتابه البليغ، واستدراجه المريغ «١» ؛ فلولا أن يصلد «٢» زند اقتداحه، ويردّ طرف افتتاحه؛ وتقبض يد انبساطه، وتغبن صفقة اغتباطه؛ للزمت معه قدرى، وظنّ بسرّه صدرى؛ لكنه بنفثة سحره يستنزل العصم فتجنب «٣» ، ويقتاد الصّعب فيصحب، ويستدرّ الصخور فتحلب؛ ولما جاءنى كتاب ابتداه، وقرع سمعى نداه؛ فزعت «٤» إلى الفكر، وخفق القلب بين الأمن والحذر؛ فطاردت من الفقر أو ابد قفر، وشوارد عفر، تغبر «٥» فى وجه سائقها، ولا يتوجّه اللّحاق إلى وجيهها ولاحقها «٦» ؛ فعلمت أنها الإهابة والمهابة، والإجابة والاسترابة؛ حتى أيأستنى الخواطر،