للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوصل كتاب العامل بها إلى الحكم بخبره، فأخفى الحكم أمره واستدعى من ساعته قائدا من قواده فأخبره بذلك سرا وقال له:

سر من ساعتك إلى هذا الخارج وائتنى برأسه والا فرأسك عوضه وأنا قاعد فى مكانى هذا إلى أن تعود! فسار القائد إلى الخارج، فلما قاربه سأل عنه فأخبر أنه فى احتياط كثير واحتراز شديد، فعجز عنه ثم تذكر قول الحكم فأعمل الحيلة حتى دخل عليه وقتله وأتى برأسه إلى الحكم، فرآه بمكانه ذلك لم يتغير، وكانت غيبته أربعة أيام، فأحسن إلى القائد وأكرمه ووصله وأعلى محلّه.

[ذكر وفاة الحكم]

/ كانت وفاته يوم الخميس بعد الظهر لأربع بقين من ذى الحجة سنة ست ومائتين، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة وقيل ثلاثا وخمسين سنة وقيل أقل من ذلك إلى تسع وأربعين سنة، ومدة إمارته ستا وعشرين سنة وعشرة أشهر وثلاثة عشر يوما. وكان طويلا أسمر نحيفا، وله شعر جيّد، وهو أول من جنّد الجنود المرتزقة بالأندلس وجمع الأسلحة والعدد واستكثر من الحشم والحواشى، وارتبط الخيول على بابه، واتّخذ المماليك وجعلهم فى المرتزقة فبلغت عدتهم خمسة آلاف. وكانوا يسمون الخرس لعجمة ألسنتهم، وكانوا نوابا على باب قصره «١» .

وكان يطّلع على الأمور بنفسه ما قرب منها وما بعد، وكان له نفر من ثقاة أصحابه يطالعونه بأحوال الناس، فيردع الظالم،