للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانصرف إلى المدينة. فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لى في تقبيل يده ويزوّدنى نظرة منه وأغنّيه صوتا! فقال: لا حاجة بى ولا بك إلى ذلك، فانصرف.

قال عطرّد: فخرجت من عنده وما علم الله أنّى ذكرت شيئا مما جرى حتى مضت من دولة بنى هاشم مدّة. ودخل عطرّد على المهدىّ وغنّاه. قيل: ودخل على الرشيد وغنّاه. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

ذكر أخبار عمر الوادىّ

هو عمر بن داود بن زاذان. وجدّه زاذان مولى عمرو بن عثمان بن عفّان.

وأخذ الغناء عن حكم، وقيل: بل أخذ حكم عنه. وهو من أهل وادى القرى.

قدم الحرم وأخذ من غناء أهله فحذق وصنع فأجاد. وكان طيّب الصوت شجيّا مطربا. وهو أوّل من غنّى من أهل وادى القرى، واتصل بالوليد بن يزيد في أيام إمارته فتقدّم عنده جدّا، وكان يسمّيه «جامع لذّاتى ومحيى طربى» . وقتل الوليد وهو يغنّيه، وكان آخر الناس به عهدا. قال: وكان يجتمع مع معبد ومالك بن أبى السّمح وغيرهما من المغنّين عند الوليد بن يزيد، فلا يمنعه حضورهم من تقديمه والإصغاء إليه والاختصاص به. وفي عمر هذا يقول الوليد بن يزيد:

إنما فكّرت في عمر ... حين قال القول واختلجا

إنه للمستنير به ... قمر قد طمّس السّرجا

ويغنّى الشعر ينظمه ... سيّد القوم الذى فلجا

أكمل الوادىّ صنعته ... فى كتاب الشعر فاندمجا

أراد الوليد بن يزيد بقوله: «سيّد القوم» نفسه.