الباب الخامس من القسم الثانى من الفنّ الخامس فى قصّة أيوب- عليه السلام- وابتلائه وعافيته
عن وهب بن منبّه أنه لم يكن بعد يوسف نبىّ إلّا أيوب، وهو أيّوب بن أموص ابن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.
وكان أموص كثير المال والماشية، لم يكن فى أرض الشأم أغنى منه؛ فلما مات صار ذلك جميعه لأيوب؛ وكان أيوب يومئذ ابن ثلاثين سنة، فأحبّ الزواج فخطب رحمة بنت أفرايم بن يوسف؛ فتزوّجها، وكانت أشبه الخلق بيوسف وكانت كثيرة العبادة، فرزقه الله منها اثنى عشر بطنا، فى كلّ بطن ذكر وأنثى؛ ثم بعثه الله تعالى إلى قومه رسولا- وهم أهل حوران والبثنية- ورزقه الله حسن الخلق والرفق، فشرع لقومه الشرائع، وبنى المساجد، ووضع موائده للفقراء والأضياف؛ وأمر وكلاءه ألّا يمنعوا أحدا من زراعته وثماره، فكان الطير والوحش وجميع الأنعام تأكل من زرعه وبركة الله تزداد صباحا ومساء؛ وكانت كلّ مواشيه تحمل فى كلّ سنة بتوءم.
وكان أيّوب إذا أقبل الليل جمع من يلوذبه فى مسجده، ويصلّون بصلاته ويسبّحون بتسبيحه حتى يصبح، فحسده إبليس؛ وكان لا يمر بشىء من ماله وماشيته إلا رآه وهو مختوم بخاتم الشكر؛ وكان إذ ذاك يصعد إلى السموات ويقف فى أى مكان أحبّ منها، حتى رفع الله عيسى بن مريم، فحجب عن أربع سموات منها؛ حتى بعث الله نبينا محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فحجب عن جميعا فصعد إبليس فى زمن أيّوب- عليه السلام- وقال: يا ربّ إنى طفت الأرض ففتنت من أطاعنى إلّا عبادك منهم المخلصين. فنودى: يا ملعون، هل علمت