للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوفى الأمير جمال الدين آقش الكنجى النائب بحصن مصياف [١] به يوم الأحد ثامن عشر ذى [٢] القعدة، وكان قد بلغ تسعين سنة، وولى نيابة الحصن سنين كثيرة، وكان أهل الحصن الفداوية [٣] يحبونه ويجيبون إلى ما أمرهم به من بذل نفوسهم وهو يكرمهم ويبرهم ويحسن إليهم رحمه الله تعالى.

[واستهلت سنة أربع [٨٣] عشرة وسبعمائة]

فى أول هذه السنة- فى يوم الأربعاء مستهل محرم الموافق الحادى والعشرين من برمودة القبطى- تغيّر نهر النيل بمصر تغيّرا ظاهرا مائلا إلى الخضرة، وتغير طعمه وريحه حتى شرب كثير من الناس من الآبار العذبة والصهاريج التى يخزن بها الماء والعادة أن يكون ماء النيل فى هذا الفصل فى غاية الصفاء، وما علم سبب تغيّره، ثم عاد إلى صفوه بعد ذلك.

[ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [٤] . وغضب السلطان عليه وخلاصه]

كان سبب ذلك أن الشيخ نور الدين المذكور انتصب بمصر للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حسبة من غير ولاية سلطانية ولا إذن حكمى، ورأى أن ذلك قد تعيّن عليه، وهو من أعيان الفضلاء وأكابر المفيدين، واجتمع معه جماعة من البكريّين وغيرهم يأتمرون [٥] بأمره، فاتصل به فى شهر المحرم من السنة أن النصارى بمصر اجتمعوا فى كنيسة من كنائسهم لعيد لهم، وأنهم استعاروا من الجامع العمرى بمصر قناديل وبصّاقات وأطباق وأشعلوها فى


[١] مصياف- فى الأصول «ميصاف» والمثبت من ص، والسلوك ٢/١: ٢٠٧، ومعجم البلدان ٥: ١٦٨، وفيها أنها مصياب وهى حصن حصين مشهور للإسماعيلية بالساحل الشامى قرب طرابلس، وبعضهم يقول: مصياف.
[٢] لفظ «ذى» سقط من ك والإثبات من ص، وف.
[٣] الفداوية: جماعة تكلف بالقتل والاغتيال، ولا يمكن أن يعترف أحدهم- فى حال القبض عليه- باسم شركائه. وانظر قصة إرسال الملك الناصر محمد بن قلاوون ثلاثين فداويا من أهل قلعة مصياف لقتل الأمير قراسنقر بتبريز من بلاد المغول- فى السلوك ٢/١: ٢٠٧، ٢٠٩.
[٤] هو على بن يعقوب بن جبريل البكرى، توفى سنة ٧٢٤. وانظر البداية والنهاية ١٤: ١٤٤، والدرر الكامنة ٣: ٢١٤، وطبقات الشافعية ٦: ٢٤٢، وشذرات الذهب ٦: ٦٤.
[٥] فى ك «يأمرون» والمثبت من ص.