قال: ولما رحل السلطان من قلعة الثغر سار إلى قلعة برزية «١» ، وبحصانتها يضرب المثل، وهى تقابل حصن أفامية «٢» وتناصفها فى أعمالها، وبينهما بحيرة تجتمع من ماء العاصى، ومن عيون تنفجر من جبل برزية وغيره.
وكان أهلها أضر شىء على المسلمين يقطعون الطّريق ويبلغون فى الأذى.
فنزل السّلطان شرقيّها فى رابع عشرى الشّهر «٣» ، وركب من الغد وطاف عليها لينظر موضعا يقاتلها منه، فلم يجده إلا من جهة الغرب.
وهذه القلعة لا يمكن أن تقاتل من جهتى الجنوب والشّمال ألبتّة، فإنّ جبلها لا يصعد إليه من هاتين الجهتين؛ وأمّا الجانب الشرقىّ فيمكن الصّعود منه لغير مقاتل لصعوبته وارتفاعه؛ وأما جهة الغرب فإنّ الوادى المطيف بجبلها قد ارتفع هناك ارتفاعا كثيرا حتّى قارب القلعة بحيث يصل منه حجر المنجنيق والسّهام. فنزله المسلمون ونصبوا المجانيق، ونصب أهل القلعة منجنيقا، فرأى السّلطان المجانيق لا تفيد، فتركها وعزم على الزّحف ومكاثرتها بالرّجال؛ فقسّم العسكر ثلاثة أقسام، يزحفون بالنّوبة. فطال ذلك على أهلها وعجزوا عن مقاتلتهم فملكها المسلمون عنوة ونهبوا وأسروا وسبوا، وأخذوا صاحبها وأهله، وأمست خالية خاوية. وألقى المسلمون النّار فى بعض البيوت فاحترقت «٤» .