هو أبو عبد الله وقيل أبو موسى وقيل أبو العباس- محمد بن هارون الرشيد، وأمه أمة الواحد وقيل أمة العزيز «١» بنت جعفر بن أبى جعفر المنصور، ولقبت زبيدة، ولم يل الخلافة بعد على والحسن من أمه هاشمية غيره، وهو السادس من الخلفاء العباسيين؛ بويع له بالخلافة بطوس فى عسكر الرشيد، صبيحة الليلة التى توفى فيها الرشيد، لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وكان المأمون يومئذ بمرو، فكتب حمويه- مولى المهدى وهو صاحب البريد- إلى نائبه ببغداد، وهو أبو مسلم «٢» سلام، يعلمه بوفاة الرشيد، فدخل أبو مسلم على الأمين فعزاه بأبيه وهنّأه بالخلافة، وكتب صالح بن الرشيد إلى أخيه الأمين بذلك مع رجاء الخادم، وأرسل معه الخاتم والقضيب والبردة، فلما وصل رجاء انتقل الأمين من قصره الخلد إلى قصر الخلافة، وصلّى بالناس الجمعة، ثم صعد المنبر فنعى الرشيد وعزّى نفسه والناس، ووعدهم الخير وأمّن الأبيض والأسود، وفرّق فى الجند الذين ببغداد رزق أربعة وعشرين شهرا، ودعا إلى البيعة فبايعه جلة أهل بيته، ووكل عم أبيه وأمه سليمان بن المنصور بأخذ البيعة على القواد وغيرهم، وأمر السّدى بمبايعة من عداهم، وقدمت العساكر التى كانت مع الرشيد، وقدمت زبيدة امرأة الرشيد أم الامين من الرقة إلى بغداد، فتلقاها ابنها الأمين بالأنبار، ومعه جميع من ببغداد من الوجوه، وكان معها خزائن الرشيد.